الفنان التشكيلي الفلسطيني (عبد الهادي شلا) قامة فنية تشكيلية فلسطينية، توسدت مكانها الطبيعي في لائحة فناني الجيل الثاني بالحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية، باعتباره فنان مجتهد ومُجدد في طرائقه التعبيرية وأساليبه الفنية والمهنية، ولم تقتصر ابتكاراته في حدود إنتاجية اللوحة التصويرية في أنماطها الأكاديمية المدرسية وحسب، بل طالت ميادين الرسم الحاسوبي عبِر فنون الملصق والكاريكاتير، وإخراج الصحف والمجلات والدوريات المتعددة، بما فيها من رسوم داخلية وتصميم الأغلفة وسواها. مستأنساً بما يمتلك من موهبة وخبرات أكاديمية دارسة، ومهنية فاعلة في ميادين التعليم والصحافة العربية، وما لديه صداقات وشبكة علاقاته الممتدة داخل الوطن العربي والمغترب الكندي، ذات الصلة بمؤسسات وجمعيات واتحادات نقابية معنية بمجالات الفنون الجميلة التشكيلية.
وجه من رام الله
هو من مواليد حي الشجاعية بقطاع غزة عام 1948، برزت مواهبه الفنية في سن مُبكرة منذ مراحل تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي، وما لمسه من تشجيع عائلي ورعاية تربوية وفنية من مدرسيه، مكنه ذلك من رسم لوحات مائية وزيتية ملتزمة بقضيته الفلسطينية. غادر إلى الكويت عام 1965 لضرورات عمل والده، وبعد نيله الشهادة الثانوية تابع دراسة الفنون عام 1966 بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة في جامعة القاهرة، مُتخرجاً بشهادة امتياز عام 1971. عمل بعد التخرج في دولة الكويت في مهن متعددة لاسيما كرسام ومخرج صحفي في العديد من الصحف المحلية. غادر الكويت مع عائلته إلى كندا عام 1995 مهاجراً وحاصلاً على الجنسية الكندية، ليفتح سجل حياة جديدة، مُغايرة حافلة بالعمل في ميادين الفنون التشكيلية وبفعاليات المجتمع المدني. أقام نحو أربعة عشر معرضاً شخصي، ومشارك في العديد من المعارض الجماعية داخل الوطن العربي والدول الأعجمية، وحاصل على مجموعة من الجوائز وشهادات التقدير من هيئات واتحادات نقابية متخصصة.
أطفال الحجارة
لوحاته التصويرية الملونة هي نسيج ذاته الباحثة عن موطئ قدم في واحة الابتكار الفني المشروع، تشدو تقاسيم الوطن الفلسطيني من زاوية التجلي الذاتي والبوح الصريح، عمّا يعتمل في داخله من نوازع وهواجس وانفعالات، مصحوبة بغواية الحرفة المهنية ذات اللمسة الأكاديمية التي علمته إياها فترة دراسته الجامعية في مصر، واستمرت معه في ترحاله وتجواله ما بين العواصم العربية والأجنبية، وكانت معنية برسم وتصوير نماذج مُختارة لشخوص مُستعارة من التراث والطبيعة وجماليات الإنسان، وتسعى لنبش ركام الذاكرة الشخصية بعشرات المواقف البصرية في بداية الأمر، تستلهم عناصرها ومفرداتها من واحة الاتجاهات الواقعية التعبيرية في الفن ن تم عدت مع متواليات الأيام وجماع الخبرة والتنقل ما بين ميادين الفنون الجميلة أكثر حداثة وانحيازاً للمدارس الفنية التشكيلية الجديدة التي شاهدتها المعمورة في أواخر القرن الماضي لمصلحة التعبيرية التجريدية.
انتفاضة الأقصى
وكذلك الأمر بالنسبة لرسومه التخطيطية بالأبيض والأسود، المشغولة كموتيفات صحفية، تُبقي أسوار اللمسة التعبيرية الأكاديمية مفتوحة على التأمل والمحاورة البصرية، لصيقة بشخوص متوالدة من الفن المصري القديم بمقاماته الفرعونية، تكشف عن جودة الرسم والاختيار ومقدرة الفنان على العزف والتجلي فوق سطوح الخامات المستعملة، أنغام متناسقة لحكاية الصف الشكلي والسرد البصري الأسطوري، بما فيها من تقنيات خطيّة متداخلة النصوص والشخوص، وأشبه بمسرح درامي لمجموعة كبيرة من الكتل البشرية فردى وجماعات، تشغل حيز الفراغ بحركية ملحوظة.
الانتفاضة 1998
والأمر ذاته ينطبق على ملصقاته ورسومه المنفذة تلويناً بتقنيات الرسم الحاسوبي الملون، كرسوم كاريكاتيرية موسومة بأسلوبية خاصة وتفرد المحتوى والفكرة والمقولة البصرية، التي تفضح عري الذات العربية في مواقف تهكميّة كثيرة، وتنشر غسيل الحقائق على حبال التآمر والصمت والهزيمة، ومواجهة الذات العربية والفلسطينية المقاومة والمساومة والمأزومة، وتفتح سجل المعاناة للشعب الفلسطيني عموماً، وأهلنا في مدينة غزة المحاصرة والمطوقة بجميع آليات القهر الصهيوني والصمت الرسمي العربي خصوصاً، فهي ميدان قصيدته البصرية، ومنتهى مقولته الوجودية كإنسان وفنان موجوع بوطنه المستلب وغربته المفتوحة على المنافي.
غزة الصامدة
الفلسطيني حاضر بقوة في لوحاته، صراحة أو مداورة رمزية، مرصوف بتقنيات متنوعة الخصائص والسمات، تجمع سجله التاريخي في عموم رسومه وملصقاته أيضاً، سواء أكانت لشخوص مُستعارة من واقع معايش أو عالم مُتخيل، مُعبرة عن مجموعة رجال أو نسوة، وشخوص من مختلف الأعمار، والمسالك الحياتية اليومية. عاديون أو مقاومون، حالمون أو متشائمون، دورة شكلية جامعة لجميع أطياف المعاناة الفلسطينية المستمرة منذ نكبة فلسطين الكبرى عام 1948 ومستمرة حتى يوميات القرن الأمريكي المعلب. يدخل الفنان في متن لوحاته وأعماله الفنية من بوابة الذاكرة البصرية المُشرعة على المكان، وعناصره المتآلفة التي تشدو بنشيدها الوجودي عِبر تنويعات الصور والمرئيات، تجوب خارطة التذكر ومفاعيل الوجدان والمحسوس البصري بالمعاناة.
الانتفاضة 2000
الانتفاضة الفلسطينية لها في جعبته حصة ونصيب، والمقاومون المنتفضون من مختلف الأعمار يحتلون سدة مواقعهم البصرية، داخل هيكلة النصوص المسرودة، لطفل هنا، وفتية هناك من رماة الحجارة، الذين يزينون ناصية لوحاته الملونة، بقيم نضالية مُضافة على طريق حرب الوجود لا حرب الحدود. وتسبر أشكال المواجهة غير المتكافئة مع العدو الصهيوني في عشرات اللوحات والمآثر التشكيلية. ثورة شعب يتوق للحرية والتخلص من أثار الغزوة الصهيونية والعدوان المتكرر على شعبنا وأرضنا الفلسطينية المغتصبة، تجمع أطياف الشعب الفلسطيني بكل فئاته ومعتقداته في جبهة كفاحية موجهة ضد الاحتلال الصهيوني البغيض. يرافقهم العلم الفلسطيني أينما توجهوا وبأيديهم متسع لحمل حجارة الوطن.
الثورة مستمرة
البنية التشكيلية والصياغة التقنية لعموم لوحاته مأخوذة بمفاتن الحداثة التعبيرية، متجاوزة في أيامه الحالية، قدسية الرسم والتصوير المدرسي الأكاديمي، وخارجة عن طوعها، منحازة لمعادلات بصرية مفتوحة على التجريد، والتشكيلات الهندسية المسطحة في أبعادها المنظورة كعناصر خطيّة ولونية متجانسة، والتي تلخص في مقاماتها البصرية اللمسات الحسيّة الواقعية،وتستبدلها من واقعية تعبيرية إلى تجريدية تجريبية مغلفة بمظاهر وأوصاف تقنية متجددة، وتكسر شروط الأكاديمية لمصلحة حركية التأليف والحركة، و ومنسجمة مع إستراتيجية الهدم الشكلي انحيازاً لسطوة التقنية المتاحة عِبر الرسم الحاسوبي والخيارات متعددة الحلول الشكلية المقلصة للزمن والتقنيات.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر