الفنان وسام محمود عابد

الفنان التشكيلي الفلسطيني (وسام محمود عابد) من مواليد دير البلح عام 1964 ، حاصل على بكالوريوس فنون جميلة من جامعة النجاح 1992، ودبلوم الدراسات العليا تخصص تربية فنية من جامعة الأقصى، شارك في العديد من المعارض الفنية محلياً وخارجياً،له مقتنيات فنية في العديد من الدول،يعمل حالياً معلماً للتربية الفنية بمدارس وكالة الغوث الدولية بغزة، وهو عضو جمعية الفنانين التشكيليين الفلسطينيين.

لوحاته تجمع أشتات الوطن الفلسطيني، تستعير جغرافيته، وبعضاً من مكوناته الطبيعية الخلوية وشيئاً من تقاسيم المخيم وسكانه. تواكب دروب الأحداث الفلسطينية المتعاقبة عبر بوابة الانتفاضات المباركة التي خاض غمارها الشعب العربي الفلسطيني في مراحل زمنية متعددة، تواجه بشجاعة الثوار وحجارة الأرض آلات الدمار الصهيوني، وفيها تصوير فني حافل بالبساطة الشكلية والتوليفات التقنية الخارجة من عقال الحداثة الوصفية، التي تبوح بمكونات الدائرة اللونية الأساسية .

تجد في الاتجاهات التعبيرية، والتعبيرية التجريدية مناخاً مناسباً لتوليف صوره الفنية ورؤاه التشكيلية عن مفهوم المواطنة والاندماج الطوعي في تفاصيل الوطن، تجود قريحته الفنية بما امتلكت من خبرة وتجربة متاحة على قماش اللوحات، وما لديه من مفردات استعراضها في سياق جمله الشكلية المصفوفة بالخط واللون، وشغل حيز المساحات المتداخلة في صور مرئية حاشدة بالتحوير والسذاجة الفطرية، واجترار مواطن الرمز والإحالة الدلالية المستعارة من انتفاضة الحجارة تارة، والأقصى تارة أُخرى. تستقوي بالفتية والنسوة والرجال والتراث، وجماهير المقاومة الشعبية الخلاقة، لتصنع رؤية فنية تشكيلية منحازة لخيار الثورة.

فالمشاهد الخلوية للطبيعة الفلسطينية التي رسمها، أشبه بحلم بصري ومسارات سرد خرجت للتو من واحة تخيل شخصي، فيها ملامسة ما لمساحة الوجدان والانفعال الذاتي، واستنهاض لطفولة سابرة ومتداخلة مع مسارات النصوص. يستوي فيها المشهد والبنية التشكيلية وأساليب المعالجة التقنية في خصوصية الوصف والتعبير، تجد في الدسامة اللونية وحركة الريشة التي ترسم حدود الأشكال والمكونات المرصوفة في عفوية الدمج مجالاً للمداعبة التقنية، وسذاجة وصفية في تركيب الطبقات اللونية، المعتمدة على إظهار البقع المضيئة في حيز عتمة اللون الطاغية في كثير من اللوحات.

ثورة الحجارة وأطفالها الرجال، تأخذ قسطاً وافراً من التوصيف والمحاكاة والتعبير، تنهل من مدارات التعبيرية الرمزية ذات المسحة الواقعية، كسياق سردي مناسب غايته تقريب المسافة ما بين عين المتلقي والواقع الفلسطيني المعايش، وتربط في ظلال خيطها البصري معالم الدروب الفلسطينية المشبعة بالبطولات والتضحيات، قوامها بضعة فتية وحجارة وطن تعرف طريقها إلى صدور الصهاينة وترسانتهم المسلحة.

كما نجد في لوحاته مقامات بصرية متسعة للمخيم الفلسطيني والموروث الشعبي، وللنسوة المتدثرات بالثوب الفلسطيني الملون، والمعشب بالزخارف الهندسية متعددة الصنائع والمطرزات والتجليات الشكلية، الجامعة لمفاتن الجغرافية الفلسطينية المتواصلة ما بين الريف والمدينة وضجيج المخيم، نسوة في مجاميع شكلية ثنائية الشخوص أو أكثر، تكرس حالة التماسك الاجتماعي وترسم حقيقة الجذور وأبجدية الواقع والصراع.

لوحات لا تلتزم سياقاتها التقنية الأكاديمية، بل تركض في سراب اللمسات التقنية المعاصرة، والحرية المكشوفة على تداخل اللون في كثافات مشهودة في سطوح الخامات متباينة النصوص فوق قماش الخامات المستعملة، قائمة على الاختزال والتحوير المساحي للشخوص والأماكن، متروكة على واحة الانفعال اللحظي بالحدث، وكأنها مزق من عناوين شكلية متعددة، تدخل في مساحة الوعي الوطني المتاحة من بوابة الفن، وأساليب التعبير والتقنية المتحررة من القيود النمطية.

القدس حاضرة في متن نصوصه السردية، تجمع فصول الحكاية الفلسطينية عبر توثيق عفوي وفطري لذاكرة المكان والشخوص، تكتفي بالإشارة الخطيّة واللونية الموحية، ورمزية الوجوه والشخوص المتداعية في داخل أروقتها الشكلية، تدعو بشكل ما أو بآخر لحقيقة المكان وقدسيته وعروبته، تبني جسر عودتنا وتحررنا وأمانينا بربط ما انقطع من الوطن والتاريخ، والقول برمزية الوصف والتأليف الشكلي: " أن القدس كانت وما زالت عربية" في بيوتها وأوابدها ومعابدها وناسها، تنتظر عودة الغائبين.