ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    إسرائيليات عابثة وراء حدودها: من التطبيع الأيديولوجي إلى التوأمة السياسية

    avatar
    يزن المصري
    مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية


    ذكر السمك جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : إسرائيليات عابثة وراء حدودها: من التطبيع الأيديولوجي إلى التوأمة السياسية Jordan_a-01
    نقاط : 4341
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 09/07/2009

    إسرائيليات عابثة وراء حدودها: من التطبيع الأيديولوجي إلى التوأمة السياسية Empty إسرائيليات عابثة وراء حدودها: من التطبيع الأيديولوجي إلى التوأمة السياسية

    مُساهمة من طرف يزن المصري الإثنين 18 يناير 2010, 12:54 pm

    مطاع صفدي
    تخشى إسرائيل هذه الأيام أن تفقد سلاح وجودها الأساسي: الحرب. فالمنطقة العربية تكاد تغلق منافذ الحروب الكبيرة الإقليمية لتنفتح بعض ساحاتها الطرفية على مسلسل الحروب الأهلية داخل أقطارها. لن تكون السودان واليمن آخر هذه الساحات. بل لعلها تشكل نماذج تمارين أولية بالنسبة لما يُعدُّ من الكوارث الأفظع في أقطار أخرى رئيسية. فالعارفون بملفات العمليات السرية، يعتبرون المرحلة الحالية استثنائية وذهبية لممارسة الصنف الأخطر والأذكى من هذه العمليات السرية، والتي تستهدف التلاعب بمصائر الدول من وراء حكامها وشعوبها معاً.
    إسرائيل لا تحارب بجيوشها النظامية العلنية وحدها. فإن لها كتائبها السرية المتغلغلة تحت جلد محيطها العربي. لبنان وحده كشف فجأة عشرات الشبكات في فترة وجيزة من العملاء المباشرين، لكن معظمهم من الدرجة الثالثة أو الرابعة في سلم الأهمية الاستخبارية. أما العراق فقد أمسى بعد الغزو الأمريكي يعجُّ بكل مستويات العملاء لإسرائيل أولاً، وبعدها أمريكا وللجوار الإسلامي والعربي، وحتى لا نقول لمختلف القوى العالمية الأخرى.
    لا تتوفر دراسات وبيانات حول هذه الظاهرة، إلا لماماً، ولا يطَّلع عليها إلا المختارون. أو أن المنشورات الاستخبارية العامة محدودة التوزيع ومقصيَّة، خاصةً عن القراء المحليين. ومع ذلك فالمكتبة الأمنية العالمية عامرة بالمصادر والمراجع والوثائق لمن يتابعها ويتقصّى منشوراتِها المتوارية بطرق مختلفة. تكفي الإشارة إلى سيل الاعترافات التي ينشرها العملاء السابقون، إلى جانب الإفراج الدوري عن الوثائق الدبلوماسية للدول الغربية. فالخلاصة أن فئة الدول العظمى هذه لها عالمان، الظاهري والباطني، والثاني هو المؤسس للأول، وهو المطبخ المركزي لاستراتيجيات الدولة وخططها السلطوية داخلياً وخارجياً. فقد تقبل الدولة الحديثة بالتنازل عن كثير من سلطاتها لمؤسسات مجتمعها المدني، ما خلا المؤسسة الأمنية، وسلطتها الممتنعة أصلاً عن تحديد وظائفها بحكم طبيعتها الخارجة عن الرقابة العمومية، كما هو متفق عليها دائماً، وفي ظل مختلف أنظمة الحكم.
    إسرائيل كدولة هي نتاج الصهيونية العالمية، المجهولة العناوين والممارسات في أغلب تنظيماتها وتحركاتها. ولا تزال هي الحاضنة لوجود الدولة والمشرفة الفعلية على تطوراتها. والحارسة الأمنية على مصالحها دولياً. فلا حاجة للتذكير بأن الطبيعة الأصلية لإسرائيل هي أنها كيان أمني جوهرياً. على أن صنعتها الأمنية هذه هي من الاتساع وتنوع الاختصاصات، ما يجعل الظاهر منها كسلطات علنية، هي أشبه برأس هرم طاف، فوق جسد غارق في ظلمة الخفاء والسرية المطلقة. فإسرائيل الدخيلة على الجغرافية العربية المضادة لها في كل شيء، محتاجة إلى التواجد ما وراء حدودها الظاهرة، إلى اجتياح تلك الجغرافية المضادة شبحياً، إلى نسج شبكيةِ أديمٍ شفاف تحت أديمها الأصلي.
    إسرائيل منذ أن كانت دولة الغزو الأول، لا تكفّ عن الغزو السري طيلة تطورها المرحلي خلال الستين عاماً المنقضية، ذلك التواجد الموصوف بكونه غصباً عن الطبيعة. فهي التي تعاني من عقدة تجذير وجودها في الأرض التي احتلتها، كيف لها أن تطالب أعداءها بالتطبيع معها. لذلك فقد أدركت الصهيونية العالمية. منذ زراعة معجزتها في فلسطين، أنه لا أمل لإسرائيل الظاهرة في الاندماج في محيطها. فلا بد من اختراع إسرائيل الأخرى، ذات الكيان الشبحي، الذي يمكنه أن يمارس وجوده الخفي فيما يشبه الازدواج الباطني مع مؤسسات الوجود العربي.
    في المرحلة الراهنة تجتاح جيشَ إسرائيل العلني هواجسُ الخوف من أية مواجهة حربية حقيقية، بعد التخاذل العسكري المذل أمام شجاعة المقاومة اللبنانية في عدوان تموز 2006، والصمود الغزاوي ضداً على بربرية الرصاص المصبوب الإسرائيلي. حتى أن بعض الفكر الاستراتيجي الأوروبي المنزَّه لدى قلة من أقطابه فحسب، يقرر جازماً أن إسرائيل تكاد تخسر دعامة استمراريتها بوسيلة الحرب وحدها، المشروطة بضرورة النصر والتفوق المضطرد بالقوة الضاربة، على مجموع القوى العربية. من هنا يمكن فهم هذا السعي الأوروبي الحثيث لإعادة زراعة الكيان الاسرائيلي في الجغرافية العربية سلمياً.
    ولقد تبنى الرئيس أوباما نظرية هذا التحول الاستراتيجي، بحيث استعاد الغرب وحدةَ الموقف لضفتيّ الأطلسي معاً، الداعي إلى إنشاء الدويلة الفلسطينية، كخاتمة عملية لتاريخانية الصراع الشرق أوسطي.
    خارطة الطريق نحو دفن فلسطين كقضية عربية، وإنسانية كبرى، لن تكون مشروطة فقط بقيام كيان دولاني لبقية فلسطين العربية الموصوفة بالتاريخية، كما لو لم يتبقَ لها ثمة حاضر ولا مستقبل؛ هنالك الشرط الآخر، الأشمل والأعظم، المسكوت عنه تحت كل هذا الصخب الإعلامي والحركي حول استئناف مناورات السلام إقليمياً ودولياً: إنه الشرط الذي لا يُؤخذ ولا يُعطى في صراع المصالح المتضادة بين الأطراف، ولكنه يفرض نفسه أساساً على الوجدان الإنساني، من خلال طرحه لسؤاله الكينوني: هل أضحت المسألة هي في كيفية اندماج الإسرائيلي في الجسد العربي، أم في كيفية طرد جرثومته عن هذا الجسد.
    الجيش الإسرائيلي الثاني السري هو المسؤول عن تأصيل هذا السؤال وفق قسمه الأول ضداً على قسمه الثاني. وذلك عندما تغدو ساحاته مفتوحة له، دون حسيب أو رقيب ما وراء كل حدود لدولته الظاهرية؛ فلن يكون جيشاً مقتصراً على حشد الجواسيس التقليبيين بهدف سرقة المعلومات أو إشعال فتن الانفصامات الذاتية في المجتمعات العربية الراكدة، فذلك هي مهماتٌ أمست شبه علنية، لاضطراد أمثلتها اليومية؛ لذلك لن يكون جيشاً مقتصراً على المتسللين العبريين، أو المتطوعين المحليين، بالسخرة أو الأجرة، لقد أمسى منتجاً جيشاً سرياً آخر من طراز فريد عجيب. فقد طوَّر مؤسسة شبحية معتمدة على نشر وتوزيع نظام التوأمة، ما بين نماذجه القيادية السياسية، ونظائرهم من مفاتيح الحياة العامة العربية. على أنه ينبغي ألا تُؤخذ التوأمة هنا في سياقها الحرفي أو الآلي. بل هي أشبه بالمصطلح السياسوي الدارج حول مفهوم التحالف الموضوعي بين الأضداد، و إن لم يتعارفوا فيما بينهم.
    مسارح الحياة العامة في معظم عواصم الشرق العربي الرئيسة، غدت تعجُّ بأمثلة التوأمة التلقائية والمفتعلة هذه بين (الأصول العبرية)، ما وراء الستار، والنسخ العربية الصريحة المتكاثرة عنها. هذا لا يعني أن النُسَخ مترابطةٌ مع أصولها. بل إن لها نشأتها وسلوكها المستقلين. ولربما تفوقت النسخة في فاعليتها وتأثيرها بأكثر مما يتطلبه الأصلُ منها. هذا يقود إلى القول أن آلية التوأمة (الوطنية) مع العدو، ليست بالضرورة صناعة إرادوية من قبل العدو نفسه. إذ تبرز فئات متطوعة محلياً بحكم مصالحها الذاتية، لكي تصير رديفاً في أرضها للخصم كجيش سري علني آخر. وتلك هي فعاليةٌ جديدة غير معروفة على مر العصور، المقتصرة في الماضي على تبادل التجسس بين الكيانات الدولانية المتخاصمة. إذ أن بروز ظاهرة التوأمة التلقائية بين أطراف جديدة متعادية قد لا يكون أمراً مألوفاً في ثقافة الصراعات الحدية، خاصة عندما لا تتحقق التوأمة إلا من طرف واحد، كهذه الحالة العربية الناشزة. هنالك طبقة حاكمة سياسياً واقتصادياً تمارس في أقطارها تسلطاً على مصالح العباد والبلاد، شبيهاً باحتلال أجنبي، وينفذ تلقائياً كل ما من شأنه تدمير الإمكانيات الوطنية لصالح العدو القومي. هذه الطبقة، المنعوتة في المصطلح الماركسي بالطفيلية، أصبحت تتصرف بالشأن العام لدولتها كأنها الوارثة الشرعية لثروات البلاد، وبالتالي تحاول السيطرة على الغرف الخلفية للقرار السياسي.
    لم تعد مجرد إفراز فوقي لأنظمة الحكم، بل أمست هذه الأنظمة نفسها أسيرة لها، لحاجتها إلى مساندتها في مشاريع التنمية الاستهلاكية، التي بدورها غذّت ظاهرة الفقاعة النيوليبرالية، كبديل شكلاني عن التنمية البشرية بما تتطلبه من استحقاقات الحداثة المقترنة بالحرية والعدالة لكافة طبقات المجتمع.
    هكذا تتم ترجمة الطفرة الاقتصادية (الفقاعية) إلى نوع من مظاهر الرخاء الفئوي الحاجب لتمادي الفوارق الطبقية بين الأغنى والأفقر. مع انحدار معظم الطبقة الوسطى نحو مَنْ دونها، وتصاعد قليلها إلى ما فوقها. فإن إعادة الهيكلة المجتمعية حسب هذا التوزع التراتبي غير المتوازن، أفسد النهضة، في جانبها الإنساني، قبل المادي الظاهري. لكن لا بد من الإقرار أن ثمة متغيرات بنيوية أصبحت منظورة في المراتب العليا من البنيان المجتمعي لمعظم الأقطار. لم تعد ثمة وحيدة مقابل مجتمعها في كليته. فقد نجحت أنظمة الحكم في إفراز، أو إنتاج ما يمكن تسميته بشعبها أو مجتمعها الخاص بها والذي من المفترض أن يقود المجتمع الأصلي، بل أن يحل مكانه ما أمكنه ذلك، بالاستحواذ على أهم مفاتيح التغيير، واستلابها من أيدي أصحابها الشرعيين. فالقمع البوليسي لجماعات الرأي يتابع تفريغ السياسة من فعلائها الحقيقيين، وفي الوقت عينه يحمي تلك الشرائح من حواشي السلطة الطافية على سطح الحياة العامة، والممسكة كذلك بالمنابر الإعلامية، بحيث يتم اختراع منظومة شعارات لكل مرحلة بحسب تحولات أرباب الحكم، وانخراط بعض الأقطار العربية، منهجياً في تدمير بداهات الفكر الطبيعي لعامة الناس، وارتكاب الممارسات العشوائية المضادة لأبسط قواعد أخلاقية السياسة.
    صار مألوفاً لدى النظام المصري مثلاً أن يسابق الدولة العبرية علناً في صيانة أمنها الاستخباري والعسكري معاً ما وراء وحدودها، حتى لم يعد يمكن القول أن لهذا النظام ثمة سياسة عربية تجاه فلسطين أو المحيط القومي الكبير حوله، بل هي سياسة التوأمة المتطابقة تماماً مع أقصى أهداف المشروع الإسرائيلي في طبعته المصدرة إلى العالم العربي؛ فقد برع نظام الرئيس مبارك في قلب طبيعة الأدوار التاريخية لمصر القيادية إلى عكس فلسفتها النهضوية العريقة تماماً. فإنه، في كل لحظةِ أزمةٍ وانتظارٍ لمواقف مصر التاريخية، يفاجئ النظاُم شعَبه وأمتَه والضميرَ العالمي، بما لم يكن متوقعاً صدوره إلا من طرف العدو الوجودي لمصر الأصلية. لكن مسيرة هذا الشخص الحاكم لا تنال من مصر العظيمة إلا بقدر ما تؤكد الحقيقة الأصلية المتأصلة لمصر، أي ما كان ينبغي أن يعنيه ويمارسه دورها القيادي، المسلّم به قومياً ونهضوياً، والذي يجعل من كل من يناقضه حادثاً طارئاً، شواذاً استثنائياً، يجدد أصالة القاعدة، وهو يحسب أنه يزعزعها وحتى أنه يلغيها.
    انحراف حجر عن قمة الهرم المصري، يقتلعه من القمة ويقذف به في خلاء الصحراء. أما الهرم نفسه فلا تزحزحه آلاف السنوات ولا عواصف الرمال العابرة.
    أما هؤلاء الخبراء بتزوير العقول، فقد أمسوا يراهنون في مصانع الأفكار والعقليات، من واشنطن إلى لندن وتل أبيب، على أن التطبيع الأيديولوجي بين العقلين الإسرائيلي والعربي ليس مضموناً إلا بتوأمة نموذجي الدولة لكل منهما، مع تغطية سطوح المجتمعات العربية بشرائح أشباه الليبرالية الجديدة. هؤلاء يثبتون من حيث لا يريدون ولا يدرون، أن إنجاز استلاب فلسطين عبرياً؛ لن يتحقق إلا بإعادة صياغة أمة العرب عقلياً وكيانياً إنسانياً ومادياً.. وتلك هي أعلى التحديات التي تحطمت رؤوس الغرب على صخورها عصراً بعد عصر. لكن المحاولات الخبيثة هي على قدم وساق، وكذلك الخيبات والهزائم لمهندسيها و أسيادها..

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 26 نوفمبر 2024, 11:17 pm