ياسر علي- لطالما اعتدنا على مصطلح «جسر العودة» للتعبير عن عودة الشعب الفلسطيني إلى دياره، حيث استخدم هذا المصطلح للتعبير (مادياً) عن جسر أللنبي فوق نهر الأردن. واستخدم (معنوياً) للتعبير عن التعالي على الفتن والمؤامرات وبناء جسر فوق كل المصالح الدنيوية والمشاغل اليومية للوصول عبر جسر يسمو فوقها لتحقيق أهداف سامية تستحق جسراً أو برجاً (معنوياً) للوصول إليها. وقد استخدم هذا التعبير حتى بات مصطلحاً يدل على العودة إلى فلسطين تحديداً، وكتبه الشعراء في قصائدهم وغناه الفنانون في الأغاني الوطنية كالأغنية الشهيرة (الأخوين الرحباني وفيروز) التي تحمل الاسم نفسه «جسر العودة»، وكالقصيدة الشهيرة المغناة (خليل حاوي ومارسيل خليفة) وفيها «يعبرون الجسر في الصبح خفافاً.. أضلعي امتدت لهم جسراً وطيد». إذا كان الجسر يدلّ على سموّ الفكرة، فعلى ماذا يدل النفق اليوم، النفق الذي يُستخدم في العودة إلى غزة؟ لا يدلّ على عكس «الجسر»، فالنفق ليس بديلاً من الجسر، بل هو مكمّل له. وهو لن يزيل صفة السموّ، بل سيضيف إليها صفات الإصرار والعناد والجهد والتضحية، وأبرز من ذلك كله: الدخول إلى الحصار قبل التحرير، لا الدخول إلى الأرض المحررة (كما هو حال الجسر). وكما ندرك جميعاً، فإن الجسر رغم أنه موجود قبل النكبة والنكسة، ورغم كل ما غُنّي له «الآن الآن وليس غداً»، بقي شعاراً وحلماً وربما.. وهماً! أما النفق فهو واقع وحقيقي استحدثه أهل غزة وأوجدوه من لا شيء إلا الإصرار وإرادة الحياة والمقاومة والصمود. لن يجد الجرجاني في «دلائل الإعجاز» ولا ابن جني صاحب نظرية «علاقة الحرف بتشكل الكلمة والمعنى»، لن يجدا تفسيراً لغوياً، لكيفية تشكيل نفق تحت الأرض وفي العتمة لمعاني الحرية والصمود والإصرار على الحياة. لقد انقلبت المعاني اللغوية، فبعد أن كان ما تحت الأرض للأموات وفوقها للأحياء، انقلبت الآية، فأصبح ما تحت الأرض للأحياء جداً والأموات جداً، أما ما فوقها فأصبح للحياة العادية التي تشبه الموت العادي. لقد كبرت قضية الأنفاق في السياسة والمفاوضات، حتى كادت تأخذ الحيّز الأكبر من الحرب والتفاوض في السنوات الأخيرة. أصبح النفق يعني سلاحاً في المقاومة وصموداً في الحرب وشرياناً في الحصار ومادة للتفاوض السياسي. وأصبح النفق موضوعاً تجتمع لبحثه القمم الدولية في شرم الشيخ، وتناقشه المؤتمرات من دافوس حتى هرتسليا. وأصبح النفق مقياساً للوطنية العربية والإسلامية، ومعياراً لالتزام الدول بالاتفاقات الدولية الموقّعة لحصار الأشقاء، وسبباً لسجن الناشطين (مجدي حسين مثلاً)، وللحرب الإعلامية (أحمد منصور وغسان بن جدو)، وللأزمات الدبلوماسية (كالشكوى على النائب وليد الطبطبائي بين مصر والكويت). بات النفق شريان الحياة الأول، وبوابة العالم، وممرّ السالكين على صراط الوطنية والإنسانية والالتزام. وكما ورد في صفحة «تفاصيل صغيرة» من هذا العدد، أصبح النفق متنفساً للتواصل الاجتماعي، حتى صارت تدخل العروس عبره لإتمام الزفاف، ويدخل الطالب القادم من العطلة الصيفية، والناشط الاجتماعي والوفود العربية والأجنبية.. كل هذا لم يدفع المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في حصار هذا الشعب!! وتكاد تصبح هذه الأنفاق طريقاً معبّدة، ولم يعد ينقصها إلى أن تدخلها السيارات. وقد رأيت صورة لصديق من غزة في أحد هذه الأنفاق، فسألته – وهو الحريص على أمنه الشخصي- أراك لم تتلثم في الصورة، قال: تلثمت أكثر من مرة لدى مرور مجموعات معها كاميرات!! (أوحى الأمر كأن النفق مفتوح للوفود السياحية). باعتقادي، بات يستحق النفق أن يكون مادة الأدبيات والفنون، وبات يستحق أن يأخذ مكان «جسر العودة» في أغانينا، كي لا تظل الأغاني شعارات وأحلاماً ولتصبح واقعياً معفّرة برمال الأرض وعتمتها ولنغنّ «نفق العودة.. يا نفق الإصرار أنا سميتك نفق العودة |
3 مشترك
سمّيتُك «نفق العودة»
جنين- مشرفة أجراس عربية
- جنسيتك : فلسطينية
اعلام الدول :
نقاط : 2813
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 10/03/2009
- مساهمة رقم 1
سمّيتُك «نفق العودة»
فتحاوي- مشرف مجلة اجراس العودة الثقافية مكتبة اجراس العودة الثقافية
- نقاط : 111
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/02/2009
- مساهمة رقم 2
رد: سمّيتُك «نفق العودة»
يا نفق الإصرار أنا سميتك نفق العودة
لكل زمان مسميات مختلفة فالنفق ما دام يستخدم للعودة فهو جسراً ايضا
تحياتي
لكل زمان مسميات مختلفة فالنفق ما دام يستخدم للعودة فهو جسراً ايضا
تحياتي
عـائـــدون- Admin
- جنسيتك : فلسطينية
اعلام الدول :
رقم العضوية : 1
نقاط : 10504
السٌّمعَة : 11
تاريخ التسجيل : 23/01/2009
- مساهمة رقم 3
رد: سمّيتُك «نفق العودة»
تختلف المصطلحات والهدف واحد ....العودة لن نتنازل عنها
كل التحية الحرة جنين
كل التحية الحرة جنين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر