بقلم طلال عوكل
[b]الجولة الأخيرة التي قام بها مبعوث السلام الأميركي السيناتور جورج ميتشل، حملت علامة أخرى على تراجع إدارة الرئيس باراك أوباما عما بدأته في العام الماضي. التراجع اتخذ منحيين: الأول نحو تخفيف وتيرة التحرك الأميركي في اتجاه إحياء عملية السلام، والثاني التراجع عن أفكار كانت في حال قبولها، خصوصاً من الطرف الإسرائيلي، ستؤدي ربما إلى الخروج من الاستعصاء الذي ميز المحاولات السابقة.
الرئيس أوباما كان قد أعلن أن إدارته بالغت في رفع سقف التوقعات بشأن عملية سلام الشرق الأوسط، ولكنه أنحى باللائمة على الظروف التي يعيشها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي.
تصريح أوباما ينطوي على دلالات عميقة، ليس من بينها الاعتراف بالفشل، أو تسجيل نقد ذاتي، وتتجاوز أيضاً ما هو معروف عن انحياز الولايات المتحدة لصالح إسرائيل كل الوقت.
الولايات المتحدة ستتابع تحركاتها بوتائر أقل حماسة من ذي قبل، لكن بدون أن تفقد السيطرة على المقود، الأمر الذي لا يتوقف عند هذه الحدود، بل إن تصريح أوباما يحمل في طياته قدراً من الضغط والتهديد للفلسطينيين، الذين يرى ميتشيل أن عليهم التخلي عن ما يعتبره نتانياهو شرطاً للمفاوضات، والمقصود التوقف عن المطالبة بتجميد الاستيطان حتى تبدأ المفاوضات المتعثرة.
العام الماضي شهد تراجعاً مهماً في الموقف الأميركي إزاء ضرورة أن توقف إسرائيل الاستيطان بالكامل، بعد أن أصبح الموقف موقفاً يحظى بإجماع دولي، الأمر الذي تسبب في شعور الفلسطينيين بخيبة أمل كبيرة، تراجعت معها المراهنات على تغييرات واعدة وإيجابية في السياسة الأميركية.
إزاء خيبة الأمل تلك، وإزاء تمسك الفلسطينيين بالموقف الذي يرفض استئناف المفاوضات قبل أن تجمد إسرائيل النشاطات الاستيطانية، اتخذ السلوك الأميركي منحى البحث عن مخارج، عبر تدوير الزوايا، ولكن بدون مغادرة ما أصبح يعرف بثوابت السياسة الأميركية، وأيضاً بدون تغيير طبيعة الدور.
فإدارة أوباما لم تغير حرفاً واحداً من المواقف التي كانت اتخذتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش، وهي مواقف وسياسات تتطابق تماماً مع المواقف والسياسات الإسرائيلية فيما يتصل بإطار الحل السياسي، وملف المفاوضات، وممكنات الحل الدائم.
إدارة أوباما كما إدارة بوش، تطرح رؤية الدولتين، وتؤيد مطلب إسرائيل بشأن يهودية الدولة، وعملياً تؤيد أو تتواطأ مع إسرائيل في نظرتها وسلوكها إزاء القدس، وتتبنى الموقف ذاته إزاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة حسب القرار رقم 194، وإدارة أوباما كما إدارة بوش، تؤيد ضمنياً أو تتواطأ مع السياسة الإسرائيلية إزاء الاستيطان، وهذه بدورها تقود إلى ما يمكن اعتباره توافقاً بشأن حدود الدولة الفلسطينية.
الحال ذاته لم يتغير بشأن طبيعة الدور الأميركي، الذي اتخذ منذ بداياته طابع إدارة الأزمة وليس حلها، والامتناع عن ممارسة الحد الأدنى من الضغط على إسرائيل، مقابل ممارسة الضغط على الطرف الفلسطيني والعربي.
إذا كان الأمر على هذا النحو، فإن السلام ستقرره في النهاية موازين القوى بين الطرفين، وتكون مهمة الولايات المتحدة دائماً، السيطرة على مستوى الحريق وامتداداته، وإبقاء إسرائيل كل الوقت، تتفوق على كل من حولها.
في إسرائيل ومنذ مطلع العام 2001، طرح شارون الذي أصبح رئيساً للوزراء، خطته المعروفة بالحل المرحلي بعيد المدى، التي تعتمد خطة الفصل أحادي الجانب، وعرض في حينه أن يقيم الفلسطينيون كيانهم أو دولتهم على 42% من أراضي الضفة الغربية بالإضافة إلى قطاع غزة.
وفي ضوء ذلك بلورت الإدارة الأميركية خطة خارطة الطريق، القائمة على مبدأ رؤية الدولتين، لكنها لا تتضمن تحديداً واضحاً لحدود الدولة الفلسطينية، ثم قدم الرئيس جورج بوش لشارون في 14/4/2004، ما يعرف بوثيقة الضمانات الأميركية ـ الإسرائيلية، واعتبرها الكثيرون في حينه مجرد ترجمة بالإنجليزية لوثيقة بالعبرية كان قد أعدها شارون.
وثيقة الضمانات تلك، تتضمن موقفاً أميركياً إزاء كل القضايا التي تتصل بأجندة المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وعبرت عن توافق إسرائيلي أميركي يصل إلى حدود التطابق في المواقف والسياسات.
كانت إسرائيل قد أعادت احتلال الضفة الغربية عبر عملية السور الواقي، وشرعت في بناء جدار الفصل العنصري هناك، وبعدها بثلاث سنوات أي في سبتمبر 2005، أعادت انتشار وجودها العسكري والاستيطاني في قطاع غزة، من جانب واحد.
ومنذ ذلك الوقت تتابع إسرائيل فرض التسوية من جانب واحد عبر خلق المزيد من الوقائع الاستيطانية، وتهويد القدس وإقامة الجدران، ونشر الحواجز لتقطيع الضفة الغربية، وفصل الضفة الغربية عن غزة وكليهما عن القدس.
إذا كانت هذه هي ملامح ومحددات وحدود السياسات والمواقف الأميركية، فإن السناتور ميتشل لن يقدم جديداً، وهو محكوم بهذه المحددات في تحركه لإحياء عملية السلام. ولذلك حاول إقناع الإسرائيليين بقبول فكرة أن تبدأ المفاوضات على حدود الدولة الفلسطينية، ومن واقع الاعتراف بحدود الرابع من يونيو 1967، غير أنه فشل في ذلك.
خلال عام من انتخاب أوباما رئيساً، وبدء ميتشل نشاطاً لإحياء عملية السلام، حصل التراجع عن الموقف مرتين، الأولى عندما تراجعت الإدارة الأميركية عن مطالبتها لإسرائيل بتجميد الاستيطان، والثانية عندما تخلت عن فكرة بدء المفاوضات بموضوع حدود الدولة الفلسطينية.
وبغض النظر عما إذا كان هذا التراجع الأميركي ينطوي على دليل واضح آخر، يؤكد المؤكد والمعروف من أن الولايات المتحدة تقتفي أثر السياسات والمواقف الإسرائيلية، وما يعنيه ذلك من أن أميركا لا يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً أو حتى يتمتع بالحد الأدنى من النزاهة والموضوعية، إلا أن رحلة المفاوضات، والخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين والعرب، قد أصبحت محكومة بهذا السياق العام.
ولأن ميتشل يدرك محدودية الخيارات الفلسطينية، خصوصاً في ظل الانقسام الفلسطيني والعربي، فقد طرح على الفلسطينيين في جولته الأخيرة مغريات إجرائية، بما يسمح بتواصل تفاوضي فلسطيني ـ إسرائيلي على مستوى أدنى من المطلوب، كمرحلة إجرائية لبناء الثقة، تسبق مفاوضات رفيعة المستوى وتتناول أول القضايا الرئيسية.
ميتشل يكون بذلك قد أعاد جدولة الأولويات، أملاً في مساعدة أو إرغام الطرف الفلسطيني على النزول عن قمة الشجرة التي صعد إليها، وربما في انتظار حروب جديدة في المنطقة، تضع كل الأطراف أمام حقائق مختلفة، ترغم أطرافاً عربية عديدة على التعامل مع متطلبات السلام الإسرائيلي.
[/b]
[b]الجولة الأخيرة التي قام بها مبعوث السلام الأميركي السيناتور جورج ميتشل، حملت علامة أخرى على تراجع إدارة الرئيس باراك أوباما عما بدأته في العام الماضي. التراجع اتخذ منحيين: الأول نحو تخفيف وتيرة التحرك الأميركي في اتجاه إحياء عملية السلام، والثاني التراجع عن أفكار كانت في حال قبولها، خصوصاً من الطرف الإسرائيلي، ستؤدي ربما إلى الخروج من الاستعصاء الذي ميز المحاولات السابقة.
الرئيس أوباما كان قد أعلن أن إدارته بالغت في رفع سقف التوقعات بشأن عملية سلام الشرق الأوسط، ولكنه أنحى باللائمة على الظروف التي يعيشها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي.
تصريح أوباما ينطوي على دلالات عميقة، ليس من بينها الاعتراف بالفشل، أو تسجيل نقد ذاتي، وتتجاوز أيضاً ما هو معروف عن انحياز الولايات المتحدة لصالح إسرائيل كل الوقت.
الولايات المتحدة ستتابع تحركاتها بوتائر أقل حماسة من ذي قبل، لكن بدون أن تفقد السيطرة على المقود، الأمر الذي لا يتوقف عند هذه الحدود، بل إن تصريح أوباما يحمل في طياته قدراً من الضغط والتهديد للفلسطينيين، الذين يرى ميتشيل أن عليهم التخلي عن ما يعتبره نتانياهو شرطاً للمفاوضات، والمقصود التوقف عن المطالبة بتجميد الاستيطان حتى تبدأ المفاوضات المتعثرة.
العام الماضي شهد تراجعاً مهماً في الموقف الأميركي إزاء ضرورة أن توقف إسرائيل الاستيطان بالكامل، بعد أن أصبح الموقف موقفاً يحظى بإجماع دولي، الأمر الذي تسبب في شعور الفلسطينيين بخيبة أمل كبيرة، تراجعت معها المراهنات على تغييرات واعدة وإيجابية في السياسة الأميركية.
إزاء خيبة الأمل تلك، وإزاء تمسك الفلسطينيين بالموقف الذي يرفض استئناف المفاوضات قبل أن تجمد إسرائيل النشاطات الاستيطانية، اتخذ السلوك الأميركي منحى البحث عن مخارج، عبر تدوير الزوايا، ولكن بدون مغادرة ما أصبح يعرف بثوابت السياسة الأميركية، وأيضاً بدون تغيير طبيعة الدور.
فإدارة أوباما لم تغير حرفاً واحداً من المواقف التي كانت اتخذتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش، وهي مواقف وسياسات تتطابق تماماً مع المواقف والسياسات الإسرائيلية فيما يتصل بإطار الحل السياسي، وملف المفاوضات، وممكنات الحل الدائم.
إدارة أوباما كما إدارة بوش، تطرح رؤية الدولتين، وتؤيد مطلب إسرائيل بشأن يهودية الدولة، وعملياً تؤيد أو تتواطأ مع إسرائيل في نظرتها وسلوكها إزاء القدس، وتتبنى الموقف ذاته إزاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة حسب القرار رقم 194، وإدارة أوباما كما إدارة بوش، تؤيد ضمنياً أو تتواطأ مع السياسة الإسرائيلية إزاء الاستيطان، وهذه بدورها تقود إلى ما يمكن اعتباره توافقاً بشأن حدود الدولة الفلسطينية.
الحال ذاته لم يتغير بشأن طبيعة الدور الأميركي، الذي اتخذ منذ بداياته طابع إدارة الأزمة وليس حلها، والامتناع عن ممارسة الحد الأدنى من الضغط على إسرائيل، مقابل ممارسة الضغط على الطرف الفلسطيني والعربي.
إذا كان الأمر على هذا النحو، فإن السلام ستقرره في النهاية موازين القوى بين الطرفين، وتكون مهمة الولايات المتحدة دائماً، السيطرة على مستوى الحريق وامتداداته، وإبقاء إسرائيل كل الوقت، تتفوق على كل من حولها.
في إسرائيل ومنذ مطلع العام 2001، طرح شارون الذي أصبح رئيساً للوزراء، خطته المعروفة بالحل المرحلي بعيد المدى، التي تعتمد خطة الفصل أحادي الجانب، وعرض في حينه أن يقيم الفلسطينيون كيانهم أو دولتهم على 42% من أراضي الضفة الغربية بالإضافة إلى قطاع غزة.
وفي ضوء ذلك بلورت الإدارة الأميركية خطة خارطة الطريق، القائمة على مبدأ رؤية الدولتين، لكنها لا تتضمن تحديداً واضحاً لحدود الدولة الفلسطينية، ثم قدم الرئيس جورج بوش لشارون في 14/4/2004، ما يعرف بوثيقة الضمانات الأميركية ـ الإسرائيلية، واعتبرها الكثيرون في حينه مجرد ترجمة بالإنجليزية لوثيقة بالعبرية كان قد أعدها شارون.
وثيقة الضمانات تلك، تتضمن موقفاً أميركياً إزاء كل القضايا التي تتصل بأجندة المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، وعبرت عن توافق إسرائيلي أميركي يصل إلى حدود التطابق في المواقف والسياسات.
كانت إسرائيل قد أعادت احتلال الضفة الغربية عبر عملية السور الواقي، وشرعت في بناء جدار الفصل العنصري هناك، وبعدها بثلاث سنوات أي في سبتمبر 2005، أعادت انتشار وجودها العسكري والاستيطاني في قطاع غزة، من جانب واحد.
ومنذ ذلك الوقت تتابع إسرائيل فرض التسوية من جانب واحد عبر خلق المزيد من الوقائع الاستيطانية، وتهويد القدس وإقامة الجدران، ونشر الحواجز لتقطيع الضفة الغربية، وفصل الضفة الغربية عن غزة وكليهما عن القدس.
إذا كانت هذه هي ملامح ومحددات وحدود السياسات والمواقف الأميركية، فإن السناتور ميتشل لن يقدم جديداً، وهو محكوم بهذه المحددات في تحركه لإحياء عملية السلام. ولذلك حاول إقناع الإسرائيليين بقبول فكرة أن تبدأ المفاوضات على حدود الدولة الفلسطينية، ومن واقع الاعتراف بحدود الرابع من يونيو 1967، غير أنه فشل في ذلك.
خلال عام من انتخاب أوباما رئيساً، وبدء ميتشل نشاطاً لإحياء عملية السلام، حصل التراجع عن الموقف مرتين، الأولى عندما تراجعت الإدارة الأميركية عن مطالبتها لإسرائيل بتجميد الاستيطان، والثانية عندما تخلت عن فكرة بدء المفاوضات بموضوع حدود الدولة الفلسطينية.
وبغض النظر عما إذا كان هذا التراجع الأميركي ينطوي على دليل واضح آخر، يؤكد المؤكد والمعروف من أن الولايات المتحدة تقتفي أثر السياسات والمواقف الإسرائيلية، وما يعنيه ذلك من أن أميركا لا يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً أو حتى يتمتع بالحد الأدنى من النزاهة والموضوعية، إلا أن رحلة المفاوضات، والخيارات المطروحة أمام الفلسطينيين والعرب، قد أصبحت محكومة بهذا السياق العام.
ولأن ميتشل يدرك محدودية الخيارات الفلسطينية، خصوصاً في ظل الانقسام الفلسطيني والعربي، فقد طرح على الفلسطينيين في جولته الأخيرة مغريات إجرائية، بما يسمح بتواصل تفاوضي فلسطيني ـ إسرائيلي على مستوى أدنى من المطلوب، كمرحلة إجرائية لبناء الثقة، تسبق مفاوضات رفيعة المستوى وتتناول أول القضايا الرئيسية.
ميتشل يكون بذلك قد أعاد جدولة الأولويات، أملاً في مساعدة أو إرغام الطرف الفلسطيني على النزول عن قمة الشجرة التي صعد إليها، وربما في انتظار حروب جديدة في المنطقة، تضع كل الأطراف أمام حقائق مختلفة، ترغم أطرافاً عربية عديدة على التعامل مع متطلبات السلام الإسرائيلي.
[/b]
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر