قال الكاتب الإسرائيلي تسفي بارئيل في مقال له بعنوان ' فجأة في منتصف الربيع' نشر في صحيفة هآرتس اليوم، إن انفجار العنف سيخدم جدا المصلحة الإسرائيلية، مضيفا أنه ' لا يوجد مثل عملية إجرامية كي تعيد إلى إسرائيل صورة الضحية، تعطي حجة ممتازة لوقف التجميد الزائف للاستيطان والإظهار لبراك اوباما من هو المجرم الحقيقي'.
وفيما يلي نص المقال:
فجأة في منتصف الربيع
بقلم: تسفي بارئيل
انفجار العنف سيخدم جدا المصلحة الإسرائيلية. لا يوجد مثل عملية إجرامية كي تعيد إلى إسرائيل صورة الضحية، تعطي حجة ممتازة لوقف التجميد الزائف للاستيطان والإظهار لبراك اوباما من هو المجرم الحقيقي. فليبدأوا إذن، تكفي آلاعيب. فلينقذونا بانتفاضتهم.
'عصيان مدني؟ هذا ليس عصيانا مدنيا، هذه أعمال شغب محلية'، شرح وزير الدفاع اسحاق رابين لمجموعة من الصحفيين التقوا به في 1987 ، عندما قرر الوصول إلى واشنطن بالذات عندما احتدمت الاضطرابات في المناطق. وأرفق حديثه بحركة يد استنكارية ومساعده داني ياتوم، أضاف صرخة على الصحفيين: 'انتم لا تعرفون عما تتحدثون'. صحيح، الصحفيون أنفسهم أيضا لم يقدروا في حينه الحجم المتوقع للانتفاضة. في البداية كانت هذه مظاهرات، بعد ذلك أعمال إخلال بالنظام، اضطرابات، أعمال شغب. مر وقت إلى أن تبنى القاموس السياسي الإسرائيلي مفهوم الانتفاضة.
الانتفاضة الثانية هي الأخرى لم يكن احد مستعدا لها. ظاهرا كان هذا اريئيل شارون هو الذي أحدثها، بجولته المناكفة إلى الحرم. عمليا انتظرت الانتفاضة مثل برميل البارود الانفجار الذي يشعلها. ولو لم يكن شارون، لكان أحد أخر بالتأكيد هو الذي سيشغل هذه العبوة.
ومشوق أيضا أن الانتفاضة الأولى والثانية على حد سواء اندلعتا عندما كان الوضع 'إلى هذا الحد أو ذاك' على ما يرام. عشية الانتفاضة الأولى نشرت الإدارة المدنية سجل فاخر لصورة الوضع يظهر انجازاتها وفصلت في نشر جداول تشير إلى الوضع الاقتصادي المتحسن في المناطق. نحو 40 في المائة من إجمالي العمال في المناطق كانوا يعملون في حينه في إسرائيل، وإحصائيات 'أجهزة التلفزيون والثلاجات' دلت على أن وضع الفلسطينيين لم يسبق له أن كان أفضل. وعشية الانتفاضة الثانية أيضا الحياة في الجانب الفلسطيني كانت ظاهرا ممتازة. 1999 كانت سنة ذروة في الاقتصاد الفلسطيني، مع نمو بمعدل 5 في المائة وتعاون تجاري ممتاز مع إسرائيل. للوهلة الأولى ما كان يمكن لأحد أن يتوقع بأن يسمح أي في الجانب الفلسطيني لانتفاضة حقيقية أن تندلع لتخرب على الاحتفال.
الآن مرة أخرى يسود إحساس دافئ ما بأن 'كل شيء على ما يرام'. مجمعات تجارية تفتح في جنين وفي نابلس، الخليل تزدهر بفضل رئيس بلدية ثري في تجربته التجارية ورؤيته الواعية، في رام الله البارات تعمل والفرق تعرض عروضا لجمهور محب للثقافة، شركات الخلوي في فلسطين تتفجر من الزبائن والايفونات هي أجهزة عادية في جيوب الشباب الفلسطيني. ماذا يمكن أن يكون أفضل من هذا، إذ حتى الشعب المحتل يسير على معدته، أليس كذلك؟
في الجانب السياسي أيضا الحياة تبدو على ما يرام. صحيح، لا توجد مسيرة سلمية، ولكن محمود عباس يتحدث كل الوقت عن السلام وليس عن الكفاح المسلح. حماس محبوسة في داخل غزة. لا توجد قيادة يمكنها أن تهيئ لانتفاضة جديدة وبالإجمال الفلسطينيون يمكنهم أن يكونوا راضين عن النهج الجديد للولايات المتحدة. والأساس ألا يتعلم الفلسطينيون الدرس المناسب من الانتفاضتين؟ إذ أن شعبا فهيما، يفهم متى لا يجدر به أن يستفز الاحتلال.
ولكن هذه بالضبط هي المشكلة. العصيان المدني ينزل دوما على نحو مفاجئ. فقط بعد أن يندلع يبدأ الناس في البحث عن المؤشرات التي كانت تدل عليه. أجهزة الاستخبارات ستتناكف فيما بينها على مسألة من توقع العصيان ومن لا، المحللون سيقولون 'أولم نقل لكم' والقلق الفوري هو كيفية صد العصيان الذي اندلع لتوه. المؤشرات التي تدل عليه باتت موجودة بوفرة.
في الأسبوع الماضي كتبت هنا عميرة هاس عن انضمام زعماء فلسطينيين، بينهم رئيس الوزراء المؤيد للاقتصاد سلام فياض، إلى مظاهرات يوم الأرض. 'نحن سنظهر في كل المواقع التي يجري فيها كفاح شعبي'، قال نبيل شعث لوكالة الأنباء الفلسطينية 'معا'. وبالذات مشاركة الزعماء السياسيين في الكفاح الشعبي من شأنها أن تدل على أنهم قد يعرفون شيئا لا تعرفه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وهم لا يريدون مرة أخرى أن يكونوا واقفين جانبا، مثلما في بداية الانتفاضة الأولى، عندما سيندلع العصيان الحقيقي. يريدون أن يكونوا قادته.
وفي هذه الأثناء الكفاح الشعبي هو مفهوم مريح للأذن الإسرائيلية. معناه بعض المظاهرات، الاحتجاجات التي يشارك فيها إسرائيليون وفلسطينيون، يافطات وهتافات، وربما بعض الحجارة، ليس أكثر من هذا. وما درج على تسميته بأنه 'هدوء نسبي'، ذاك الذي يتميز به بركان يتصرف بشكل عام على نحو جميل – إلى أن يتوقف عن ذلك.
الحلول، كالمعتاد، معروفة، والجيش الإسرائيلي كالمعتاد، 'مستعد لاستقبال كل التطورات'. وبالعكس، فان انفجار العنف سيخدم جدا المصلحة الإسرائيلية. لا يوجد مثل عملية إجرامية كي تعيد إلى إسرائيل صورة الضحية، تعطي حجة ممتازة لوقف التجميد الزائف للاستيطان والإظهار لبراك اوباما من هو المجرم الحقيقي. فليبدأوا إذن، تكفي آلاعيب. فلينقذونا بانتفاضتهم.
وفيما يلي نص المقال:
فجأة في منتصف الربيع
بقلم: تسفي بارئيل
انفجار العنف سيخدم جدا المصلحة الإسرائيلية. لا يوجد مثل عملية إجرامية كي تعيد إلى إسرائيل صورة الضحية، تعطي حجة ممتازة لوقف التجميد الزائف للاستيطان والإظهار لبراك اوباما من هو المجرم الحقيقي. فليبدأوا إذن، تكفي آلاعيب. فلينقذونا بانتفاضتهم.
'عصيان مدني؟ هذا ليس عصيانا مدنيا، هذه أعمال شغب محلية'، شرح وزير الدفاع اسحاق رابين لمجموعة من الصحفيين التقوا به في 1987 ، عندما قرر الوصول إلى واشنطن بالذات عندما احتدمت الاضطرابات في المناطق. وأرفق حديثه بحركة يد استنكارية ومساعده داني ياتوم، أضاف صرخة على الصحفيين: 'انتم لا تعرفون عما تتحدثون'. صحيح، الصحفيون أنفسهم أيضا لم يقدروا في حينه الحجم المتوقع للانتفاضة. في البداية كانت هذه مظاهرات، بعد ذلك أعمال إخلال بالنظام، اضطرابات، أعمال شغب. مر وقت إلى أن تبنى القاموس السياسي الإسرائيلي مفهوم الانتفاضة.
الانتفاضة الثانية هي الأخرى لم يكن احد مستعدا لها. ظاهرا كان هذا اريئيل شارون هو الذي أحدثها، بجولته المناكفة إلى الحرم. عمليا انتظرت الانتفاضة مثل برميل البارود الانفجار الذي يشعلها. ولو لم يكن شارون، لكان أحد أخر بالتأكيد هو الذي سيشغل هذه العبوة.
ومشوق أيضا أن الانتفاضة الأولى والثانية على حد سواء اندلعتا عندما كان الوضع 'إلى هذا الحد أو ذاك' على ما يرام. عشية الانتفاضة الأولى نشرت الإدارة المدنية سجل فاخر لصورة الوضع يظهر انجازاتها وفصلت في نشر جداول تشير إلى الوضع الاقتصادي المتحسن في المناطق. نحو 40 في المائة من إجمالي العمال في المناطق كانوا يعملون في حينه في إسرائيل، وإحصائيات 'أجهزة التلفزيون والثلاجات' دلت على أن وضع الفلسطينيين لم يسبق له أن كان أفضل. وعشية الانتفاضة الثانية أيضا الحياة في الجانب الفلسطيني كانت ظاهرا ممتازة. 1999 كانت سنة ذروة في الاقتصاد الفلسطيني، مع نمو بمعدل 5 في المائة وتعاون تجاري ممتاز مع إسرائيل. للوهلة الأولى ما كان يمكن لأحد أن يتوقع بأن يسمح أي في الجانب الفلسطيني لانتفاضة حقيقية أن تندلع لتخرب على الاحتفال.
الآن مرة أخرى يسود إحساس دافئ ما بأن 'كل شيء على ما يرام'. مجمعات تجارية تفتح في جنين وفي نابلس، الخليل تزدهر بفضل رئيس بلدية ثري في تجربته التجارية ورؤيته الواعية، في رام الله البارات تعمل والفرق تعرض عروضا لجمهور محب للثقافة، شركات الخلوي في فلسطين تتفجر من الزبائن والايفونات هي أجهزة عادية في جيوب الشباب الفلسطيني. ماذا يمكن أن يكون أفضل من هذا، إذ حتى الشعب المحتل يسير على معدته، أليس كذلك؟
في الجانب السياسي أيضا الحياة تبدو على ما يرام. صحيح، لا توجد مسيرة سلمية، ولكن محمود عباس يتحدث كل الوقت عن السلام وليس عن الكفاح المسلح. حماس محبوسة في داخل غزة. لا توجد قيادة يمكنها أن تهيئ لانتفاضة جديدة وبالإجمال الفلسطينيون يمكنهم أن يكونوا راضين عن النهج الجديد للولايات المتحدة. والأساس ألا يتعلم الفلسطينيون الدرس المناسب من الانتفاضتين؟ إذ أن شعبا فهيما، يفهم متى لا يجدر به أن يستفز الاحتلال.
ولكن هذه بالضبط هي المشكلة. العصيان المدني ينزل دوما على نحو مفاجئ. فقط بعد أن يندلع يبدأ الناس في البحث عن المؤشرات التي كانت تدل عليه. أجهزة الاستخبارات ستتناكف فيما بينها على مسألة من توقع العصيان ومن لا، المحللون سيقولون 'أولم نقل لكم' والقلق الفوري هو كيفية صد العصيان الذي اندلع لتوه. المؤشرات التي تدل عليه باتت موجودة بوفرة.
في الأسبوع الماضي كتبت هنا عميرة هاس عن انضمام زعماء فلسطينيين، بينهم رئيس الوزراء المؤيد للاقتصاد سلام فياض، إلى مظاهرات يوم الأرض. 'نحن سنظهر في كل المواقع التي يجري فيها كفاح شعبي'، قال نبيل شعث لوكالة الأنباء الفلسطينية 'معا'. وبالذات مشاركة الزعماء السياسيين في الكفاح الشعبي من شأنها أن تدل على أنهم قد يعرفون شيئا لا تعرفه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وهم لا يريدون مرة أخرى أن يكونوا واقفين جانبا، مثلما في بداية الانتفاضة الأولى، عندما سيندلع العصيان الحقيقي. يريدون أن يكونوا قادته.
وفي هذه الأثناء الكفاح الشعبي هو مفهوم مريح للأذن الإسرائيلية. معناه بعض المظاهرات، الاحتجاجات التي يشارك فيها إسرائيليون وفلسطينيون، يافطات وهتافات، وربما بعض الحجارة، ليس أكثر من هذا. وما درج على تسميته بأنه 'هدوء نسبي'، ذاك الذي يتميز به بركان يتصرف بشكل عام على نحو جميل – إلى أن يتوقف عن ذلك.
الحلول، كالمعتاد، معروفة، والجيش الإسرائيلي كالمعتاد، 'مستعد لاستقبال كل التطورات'. وبالعكس، فان انفجار العنف سيخدم جدا المصلحة الإسرائيلية. لا يوجد مثل عملية إجرامية كي تعيد إلى إسرائيل صورة الضحية، تعطي حجة ممتازة لوقف التجميد الزائف للاستيطان والإظهار لبراك اوباما من هو المجرم الحقيقي. فليبدأوا إذن، تكفي آلاعيب. فلينقذونا بانتفاضتهم.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر