منذ أن بدأت الصراعات بين الدول والشعوب برزت ظاهرة العملاء، وأصبحت قدرة دولة ما على تجنيد عيون لها من مواطني الدولة التي تكون في حال حرب معها عاملاً حاسماً في تحقيق التفوق في المواجهة ضدها، ويشهد تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل خاص، على أن الدولة العبرية وظفت جهوداً وطاقات كبيرة من أجل تجنيد أكبر عدد ممكن من العرب والفلسطينيين للعمل لصالح أجهزتها الاستخبارية، ومدها بالمعلومات التي تساعدها في توجيه ضربات قاصمة للدول العربية والمقاومة الفلسطينية، ونحن هنا بصدد مناقشة ظاهرة عملاء إسرائيل من الفلسطينيين:
أهداف إسرائيل من تجنيدهم، والوسائل المتبعة في إسقاطهم، فضلاً عن آثار ظاهرة العملاء على المجتمع الفلسطيني، ومعالم القصور في طرق مواجهة هذه الظاهرة فلسطينياً، وسبل مواجهتها، وأخيراً تقييم بعض دراسات مراكز حقوق الإنسان الفلسطينية لهذا الأمر.
* أهداف ومرامي التجنيد:
حرص الكيان الصهيوني على جمع معلومات استخبارية تساعده في إحباط المقاومة الفلسطينية، والإيقاع بعناصرها وقادتها، من خلال تجنيد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ليكونوا عملاء له، وهذا بهدف:
1- زعزعة ثقة الفلسطينيين بقضيتهم، إذ يقول النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك) "جدعون عيزرا": إن مجرد اكتشاف الفلسطينيين لقدرة الشاباك على تجنيد عملاء في صفوفهم كفيل بزعزعة ثقتهم بالقضية والمقاومة الفلسطينية، ويقول الرئيس السابق لقسم التحقيقات في الشاباك " شلومو بن عامي": إن "نجاحنا في اختراق التنظيمات الفلسطينية عبر تجنيد عملاء لنا من بين عناصرها له بالغ الأثر في سيادة أجواء عدم الثقة في أوساط عناصر المقاومة بشكل يجعلها أقل كفاءة".
2- محاولة التأثير على أجندة المجتمع الفلسطيني بما يتوافق مع المصلحة الصهيونية، حيث كان للعملاء دوماً أثر في إثارة الفتن الداخلية بين الفلسطينيين، فضلاً عن تداول الشائعات التي هي جزء من الحرب النفسية التي تخوضها " إسرائيل " ضد الشعب الفلسطيني.
3- تجنيد أكبر عدد من العملاء جاء لتحييد أوسع قطاعات من الشباب الفلسطيني، وإبعادهم عن صفوف المقاومة.
* آليات التجنيد:
منذ أن احتلت "إسرائيل" الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967م أصبحت تتحكم في كل مناحي الحياة للفلسطينيين، فحصول الفلسطيني على تصريح للعمل أو العلاج، أو إذن بالسفر إلى الخارج من أجل الزيارة أو مواصلة التعليم كان مرهوناً فقط بموافقة سلطات الاحتلال، في نفس الوقت كانت هذه السلطات منذ العام 1967م وحتى تشكيل السلطة الفلسطينية في العام 1994م هي الجهة المسؤولة عن استيعاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين في سلك التعليم والصحة وقطاع الخدمات، " إسرائيل " لم تتوان للحظة في استغلال ما تتمتع به من نفوذ من أجل مساومة الكثير من الفلسطينيين وابتزازهم من أجل دفعهم إلى التعاون مع مخابراتها، صحيح أن المخابرات الإسرائيلية فشلت في ابتزاز معظم الذين حاولت مساومتهم على أن يصبحوا عملاء لها، إلا أن احتكارها للقوة والنفوذ دفع الكثير من ضعاف النفوس للسقوط في براثن العمالة، وأصبحوا أدوات رخيصة وطيعة في أيدي عدوهم، انحطاط المعايير الأخلاقية للمحتل جعله يستخدم وسائل قذرة في تجنيد العملاء من بين الفلسطينيين، وكما بات معروفاً الآن فقد عمد الشاباك على استدراج الشباب الفلسطيني إلى ممارسات غير أخلاقية حيث يتم تصويرهم في أوضاع مشينة، وبعد ذلك يقوم عناصر الشاباك بتخييرهم بين العمالة أو فضح أمرهم، وقد دلت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية فضلاً عن التحقيقات التي أجرتها فصائل المقاومة مع مئات العملاء عن أن هذه الطريقة هي الأكثر شيوعاً في تجنيد العملاء.
* الجهات التي تتولى تجنيد العملاء:
منذ احتلال الأراضي الفلسطينية في العام 1967م وحتى تشكيل السلطة الفلسطينية ظل جهاز الشاباك هو الجهة المسؤولة عن تجنيد العملاء من بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالذات القسم العربي في هذا الجهاز. ونظراً للدور البالغ الأهمية الذي يقوم به القسم العربي في الشاباك، فقد كان معظم رؤساء الشاباك يتم اختيارهم من بين كبار الضباط الذين تولوا قيادة هذا القسم، مثل الرئيس الحالي آفي ديختر، لكن بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو وتشكيل السلطة الفلسطينية تقرر أن يتولى جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان) جزءاً من عمليات تجنيد العملاء، وهكذا تم تدشين الوحدة رقم 812 التابعة لأمان وتتولى مهام تجنيد العملاء، ويقودها ضابط برتبة عميد، وقد كان من المقرر أن تنتقل مسؤولية تجنيد العملاء بالكامل إلى جهاز "أمان" لكن اندلاع انتفاضة الأقصى أدى إلى إرجاء ذلك، حيث تقرر أن يواصل الشباك الاضطلاع بالعبء الرئيسي في هذا الجانب، وهنا يتوجب أن نشير إلى أن الشاباك لا يتولى تجنيد العملاء في الخارج، فهذه مهمة جهاز "الموساد" الذي يخضع هو والشاباك مباشرة لإشراف مكتب رئيس الوزراء.
* آثار ظاهرة العمالة على المجتمع الفلسطيني:
وإلى جانب التأثير السلبي على المقاومة الفلسطينية فقد كان لظاهرة العمالة دور تدميري على نسيج المجتمع الفلسطيني، فقد انخرط العملاء - حسب تعليمات الشاباك - في أنشطة تهدف إلى تدمير أخلاق الشباب الفلسطيني وإفسادهم، فقد دلت تحقيقات كل من الأمن الفلسطيني وفصائل المقاومة على أن العملاء لعبوا دوراً كبيراً في تعاظم ظاهرة تعاطي المخدرات بين أوساط الشباب الفلسطيني، وكان لهم دور في نشر الرذيلة، في نفس الوقت فقد ساهمت طريقة مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية لظاهرة العملاء في تكريس الشرخ داخل المجتمع الفلسطيني، ففي الانتفاضة الأولى وعندما لم يكن هناك سلطة فلسطينية سارعت حركات المقاومة إلى إعدام المئات من الفلسطينيين من المشتبه بتعاونهم مع المخابرات الإسرائيلية، من هنا اندفع إلى هامش المجتمع آلاف الأطفال الأيتام الذين خرجوا إلى النور وهم يعانون من عقدة الشبهة التي قتل بها آباؤهم، هذا مع أن مؤسسات المجتمع احتضنت هؤلاء الأبناء، إلى جانب ذلك فإن هذه الظاهرة أدت إلى تكريس عادة الأخذ بالثأر بين العائلات الفلسطينية على خلفية قتل المشتبه بتعاونهم مع إسرائيل، إذ إن الكثير من العائلات لم تسلم بأن تتم تصفية أبنائها المشتبه بهم بعد أن شككت في موضوعية معالجة فصائل المقاومة لملف العملاء، وقد أقدمت بعض عائلات العملاء على قتل الذين اشتبهت بأنهم ساهموا في قتل أبنائها أو أصدر الأمر بتصفيتهم.
* معالجة الظاهرة بين الإفراط والتفريط:
في الفترة السابقة لتشكيل السلطة الفلسطينية والفترة التالية له تميز التعاطي مع ظاهرة العملاء بوجود معلمَين من معالم التقصير، ففي الفترة الأولى كان هناك إفراط في استخدام القوة والعنف ضد المشتبه بهم في ظل غياب نظام قانوني يتم الاحتكام إليه، فكانت مجموعات من حركات المقاومة تختطف المشتبه بهم وتحقق معهم بدون رقابة من أحد، وبعد ذلك تتم تصفيتهم، وبهذه الطريقة تم إعدام المئات من المشتبه بهم، أما بعد تشكيل السلطة الفلسطينية فقد حدث العمحترم تماماً إذ وقع إهمال شديد في معالجة هذا الملف رغم تشكيل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ورغم توفر البنية القانونية التي يمكن الاحتكام إليها في معالجة هذه الظاهرة، إلا أن السلطة أهملت معالجتها لأسباب سياسية، حيث خشيت أن تتم معاقبتها من إسرائيل والدول المانحة التي كانت تعتبر المس بالعملاء مساً بسجل حقوق الإنسان. لذا نجد من خلال معطيات قدمتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية مؤخراً أن دائرة صنع القرار في السلطة تتعمد تجاهل ملفات العملاء الذين تم الانتهاء من التحقيق معهم، وتم استكمال ملفاتهم، هذا في الوقت الذي يعتمل فيه الغضب في قلوب الفلسطينيين الذين يدركون حجم الدور الذي يلعبه العملاء في إنجاح عمليات التصفية والاغتيال والاجتياح والاختطاف التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد كوادر المقاومة الفلسطينية.
* علاج شامل:
حتى الحل القضائي الأمني لا يمكن وحده أن يشكل علاجاً ناجعاً لظاهرة العملاء، فأولاً يتوجب تقليص قدرة إسرائيل على ابتزاز أبناء الشعب الفلسطيني عبر عمل السلطة الفلسطينية وأجهزتها على تقليص الاحتكاك بين المخابرات الإسرائيلية والفلسطينيين، ولأنه من المستحيل في الوقت الحالي وقف مثل هذا الاحتكاك بالمطلق فإنه يتوجب مراقبة الذين يتعرضون للاحتكاك اليومي مع المخابرات الإسرائيلية مثل العمال الذين يتجهون يومياً إلى أعمالهم في إسرائيل، أو الأشخاص الذين بشكل عام يحتاجون للحصول على أذونات بالانتقال بين الأراضي الفلسطينية وبعضها البعض وبينها وبين العالم الخارجي، ويتوجب إطلاع هؤلاء على الوسائل التي تتبعها المخابرات الإسرائيلية في تجنيد العملاء، وتحذيرهم من السقوط في براثن العمالة، لكن أهم حلقة في معالجة هذه الظاهرة هي وجود نظام تعليمي فلسطيني تثقيفي يعزز المنعة الذاتية للإنسان الفلسطيني بحيث لا يسهل إسقاطه في هذا المستنقع الآسن بهذه السهولة، عبر تقوية الشعور بالانتماء الوطني والقومي لدى النشء الفلسطيني، إلى جانب ذلك يتوجب أن يكون فك الارتباط مع دولة الاحتلال هدفاً فلسطينياً أيضاً، فلا يجوز للمرء أن يرتهن إلى فرص العمل التي يوفرها عدوه، وبعد ذلك يتبرم من محاولات هذا العدو لابتزازه، رغم الجدل العميق الذي تثيره ظاهرة العملاء في الساحة الفلسطينية حالياً فإن واقع الشعب الفلسطيني يؤكد أن رهانات إسرائيل على هذه الظاهرة قد تراجعت إلى حد كبير، ويقر الرئيس السابق لجهاز الشاباك كارمي غيلون أن المقاومة الفلسطينية قد بلغت من القوة والتجذر والاتساع إلى الحد الذي لم تعد معه قدرة إسرائيل على تجنيد العملاء عاملاً حاسماً في محاصرة هذه المقاومة، وإحباط مخططاتها.
أهداف إسرائيل من تجنيدهم، والوسائل المتبعة في إسقاطهم، فضلاً عن آثار ظاهرة العملاء على المجتمع الفلسطيني، ومعالم القصور في طرق مواجهة هذه الظاهرة فلسطينياً، وسبل مواجهتها، وأخيراً تقييم بعض دراسات مراكز حقوق الإنسان الفلسطينية لهذا الأمر.
* أهداف ومرامي التجنيد:
حرص الكيان الصهيوني على جمع معلومات استخبارية تساعده في إحباط المقاومة الفلسطينية، والإيقاع بعناصرها وقادتها، من خلال تجنيد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين ليكونوا عملاء له، وهذا بهدف:
1- زعزعة ثقة الفلسطينيين بقضيتهم، إذ يقول النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي (الشاباك) "جدعون عيزرا": إن مجرد اكتشاف الفلسطينيين لقدرة الشاباك على تجنيد عملاء في صفوفهم كفيل بزعزعة ثقتهم بالقضية والمقاومة الفلسطينية، ويقول الرئيس السابق لقسم التحقيقات في الشاباك " شلومو بن عامي": إن "نجاحنا في اختراق التنظيمات الفلسطينية عبر تجنيد عملاء لنا من بين عناصرها له بالغ الأثر في سيادة أجواء عدم الثقة في أوساط عناصر المقاومة بشكل يجعلها أقل كفاءة".
2- محاولة التأثير على أجندة المجتمع الفلسطيني بما يتوافق مع المصلحة الصهيونية، حيث كان للعملاء دوماً أثر في إثارة الفتن الداخلية بين الفلسطينيين، فضلاً عن تداول الشائعات التي هي جزء من الحرب النفسية التي تخوضها " إسرائيل " ضد الشعب الفلسطيني.
3- تجنيد أكبر عدد من العملاء جاء لتحييد أوسع قطاعات من الشباب الفلسطيني، وإبعادهم عن صفوف المقاومة.
* آليات التجنيد:
منذ أن احتلت "إسرائيل" الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967م أصبحت تتحكم في كل مناحي الحياة للفلسطينيين، فحصول الفلسطيني على تصريح للعمل أو العلاج، أو إذن بالسفر إلى الخارج من أجل الزيارة أو مواصلة التعليم كان مرهوناً فقط بموافقة سلطات الاحتلال، في نفس الوقت كانت هذه السلطات منذ العام 1967م وحتى تشكيل السلطة الفلسطينية في العام 1994م هي الجهة المسؤولة عن استيعاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين في سلك التعليم والصحة وقطاع الخدمات، " إسرائيل " لم تتوان للحظة في استغلال ما تتمتع به من نفوذ من أجل مساومة الكثير من الفلسطينيين وابتزازهم من أجل دفعهم إلى التعاون مع مخابراتها، صحيح أن المخابرات الإسرائيلية فشلت في ابتزاز معظم الذين حاولت مساومتهم على أن يصبحوا عملاء لها، إلا أن احتكارها للقوة والنفوذ دفع الكثير من ضعاف النفوس للسقوط في براثن العمالة، وأصبحوا أدوات رخيصة وطيعة في أيدي عدوهم، انحطاط المعايير الأخلاقية للمحتل جعله يستخدم وسائل قذرة في تجنيد العملاء من بين الفلسطينيين، وكما بات معروفاً الآن فقد عمد الشاباك على استدراج الشباب الفلسطيني إلى ممارسات غير أخلاقية حيث يتم تصويرهم في أوضاع مشينة، وبعد ذلك يقوم عناصر الشاباك بتخييرهم بين العمالة أو فضح أمرهم، وقد دلت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية فضلاً عن التحقيقات التي أجرتها فصائل المقاومة مع مئات العملاء عن أن هذه الطريقة هي الأكثر شيوعاً في تجنيد العملاء.
* الجهات التي تتولى تجنيد العملاء:
منذ احتلال الأراضي الفلسطينية في العام 1967م وحتى تشكيل السلطة الفلسطينية ظل جهاز الشاباك هو الجهة المسؤولة عن تجنيد العملاء من بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبالذات القسم العربي في هذا الجهاز. ونظراً للدور البالغ الأهمية الذي يقوم به القسم العربي في الشاباك، فقد كان معظم رؤساء الشاباك يتم اختيارهم من بين كبار الضباط الذين تولوا قيادة هذا القسم، مثل الرئيس الحالي آفي ديختر، لكن بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو وتشكيل السلطة الفلسطينية تقرر أن يتولى جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان) جزءاً من عمليات تجنيد العملاء، وهكذا تم تدشين الوحدة رقم 812 التابعة لأمان وتتولى مهام تجنيد العملاء، ويقودها ضابط برتبة عميد، وقد كان من المقرر أن تنتقل مسؤولية تجنيد العملاء بالكامل إلى جهاز "أمان" لكن اندلاع انتفاضة الأقصى أدى إلى إرجاء ذلك، حيث تقرر أن يواصل الشباك الاضطلاع بالعبء الرئيسي في هذا الجانب، وهنا يتوجب أن نشير إلى أن الشاباك لا يتولى تجنيد العملاء في الخارج، فهذه مهمة جهاز "الموساد" الذي يخضع هو والشاباك مباشرة لإشراف مكتب رئيس الوزراء.
* آثار ظاهرة العمالة على المجتمع الفلسطيني:
وإلى جانب التأثير السلبي على المقاومة الفلسطينية فقد كان لظاهرة العمالة دور تدميري على نسيج المجتمع الفلسطيني، فقد انخرط العملاء - حسب تعليمات الشاباك - في أنشطة تهدف إلى تدمير أخلاق الشباب الفلسطيني وإفسادهم، فقد دلت تحقيقات كل من الأمن الفلسطيني وفصائل المقاومة على أن العملاء لعبوا دوراً كبيراً في تعاظم ظاهرة تعاطي المخدرات بين أوساط الشباب الفلسطيني، وكان لهم دور في نشر الرذيلة، في نفس الوقت فقد ساهمت طريقة مواجهة فصائل المقاومة الفلسطينية لظاهرة العملاء في تكريس الشرخ داخل المجتمع الفلسطيني، ففي الانتفاضة الأولى وعندما لم يكن هناك سلطة فلسطينية سارعت حركات المقاومة إلى إعدام المئات من الفلسطينيين من المشتبه بتعاونهم مع المخابرات الإسرائيلية، من هنا اندفع إلى هامش المجتمع آلاف الأطفال الأيتام الذين خرجوا إلى النور وهم يعانون من عقدة الشبهة التي قتل بها آباؤهم، هذا مع أن مؤسسات المجتمع احتضنت هؤلاء الأبناء، إلى جانب ذلك فإن هذه الظاهرة أدت إلى تكريس عادة الأخذ بالثأر بين العائلات الفلسطينية على خلفية قتل المشتبه بتعاونهم مع إسرائيل، إذ إن الكثير من العائلات لم تسلم بأن تتم تصفية أبنائها المشتبه بهم بعد أن شككت في موضوعية معالجة فصائل المقاومة لملف العملاء، وقد أقدمت بعض عائلات العملاء على قتل الذين اشتبهت بأنهم ساهموا في قتل أبنائها أو أصدر الأمر بتصفيتهم.
* معالجة الظاهرة بين الإفراط والتفريط:
في الفترة السابقة لتشكيل السلطة الفلسطينية والفترة التالية له تميز التعاطي مع ظاهرة العملاء بوجود معلمَين من معالم التقصير، ففي الفترة الأولى كان هناك إفراط في استخدام القوة والعنف ضد المشتبه بهم في ظل غياب نظام قانوني يتم الاحتكام إليه، فكانت مجموعات من حركات المقاومة تختطف المشتبه بهم وتحقق معهم بدون رقابة من أحد، وبعد ذلك تتم تصفيتهم، وبهذه الطريقة تم إعدام المئات من المشتبه بهم، أما بعد تشكيل السلطة الفلسطينية فقد حدث العمحترم تماماً إذ وقع إهمال شديد في معالجة هذا الملف رغم تشكيل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ورغم توفر البنية القانونية التي يمكن الاحتكام إليها في معالجة هذه الظاهرة، إلا أن السلطة أهملت معالجتها لأسباب سياسية، حيث خشيت أن تتم معاقبتها من إسرائيل والدول المانحة التي كانت تعتبر المس بالعملاء مساً بسجل حقوق الإنسان. لذا نجد من خلال معطيات قدمتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية مؤخراً أن دائرة صنع القرار في السلطة تتعمد تجاهل ملفات العملاء الذين تم الانتهاء من التحقيق معهم، وتم استكمال ملفاتهم، هذا في الوقت الذي يعتمل فيه الغضب في قلوب الفلسطينيين الذين يدركون حجم الدور الذي يلعبه العملاء في إنجاح عمليات التصفية والاغتيال والاجتياح والاختطاف التي يقوم بها جيش الاحتلال ضد كوادر المقاومة الفلسطينية.
* علاج شامل:
حتى الحل القضائي الأمني لا يمكن وحده أن يشكل علاجاً ناجعاً لظاهرة العملاء، فأولاً يتوجب تقليص قدرة إسرائيل على ابتزاز أبناء الشعب الفلسطيني عبر عمل السلطة الفلسطينية وأجهزتها على تقليص الاحتكاك بين المخابرات الإسرائيلية والفلسطينيين، ولأنه من المستحيل في الوقت الحالي وقف مثل هذا الاحتكاك بالمطلق فإنه يتوجب مراقبة الذين يتعرضون للاحتكاك اليومي مع المخابرات الإسرائيلية مثل العمال الذين يتجهون يومياً إلى أعمالهم في إسرائيل، أو الأشخاص الذين بشكل عام يحتاجون للحصول على أذونات بالانتقال بين الأراضي الفلسطينية وبعضها البعض وبينها وبين العالم الخارجي، ويتوجب إطلاع هؤلاء على الوسائل التي تتبعها المخابرات الإسرائيلية في تجنيد العملاء، وتحذيرهم من السقوط في براثن العمالة، لكن أهم حلقة في معالجة هذه الظاهرة هي وجود نظام تعليمي فلسطيني تثقيفي يعزز المنعة الذاتية للإنسان الفلسطيني بحيث لا يسهل إسقاطه في هذا المستنقع الآسن بهذه السهولة، عبر تقوية الشعور بالانتماء الوطني والقومي لدى النشء الفلسطيني، إلى جانب ذلك يتوجب أن يكون فك الارتباط مع دولة الاحتلال هدفاً فلسطينياً أيضاً، فلا يجوز للمرء أن يرتهن إلى فرص العمل التي يوفرها عدوه، وبعد ذلك يتبرم من محاولات هذا العدو لابتزازه، رغم الجدل العميق الذي تثيره ظاهرة العملاء في الساحة الفلسطينية حالياً فإن واقع الشعب الفلسطيني يؤكد أن رهانات إسرائيل على هذه الظاهرة قد تراجعت إلى حد كبير، ويقر الرئيس السابق لجهاز الشاباك كارمي غيلون أن المقاومة الفلسطينية قد بلغت من القوة والتجذر والاتساع إلى الحد الذي لم تعد معه قدرة إسرائيل على تجنيد العملاء عاملاً حاسماً في محاصرة هذه المقاومة، وإحباط مخططاتها.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر