الدكتور ماهر الجعبري - أستاذ مشارك
سؤال يدور في الذهن لدى متابعة حيثيات الخطاب الذي وجهه "أكاديميون فلسطينيون" لرؤساء أمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وكنت قبل أيام قد علّقت عليه بمقال تحت عنوان "أكاديميون فلسطينيون يستنصرون أئمة الاستعمار !"، نشرته العديد من وسائل الإعلام، واستنكرتُ فيه جهة الخطاب وما تضمن من مطالبات حول حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وما يفضي ذلك إليه من اعتراف بدولة الاحتلال. وكان الخطاب قد صدر كإعلان مدفوع الأجر في بعض الصحف والمواقع الإعلامية، وضمّ بنسخته الأولى نيفا وسبعين اسما ثم زاد عدد الأسماء (التي ينسب الخطاب إليها!) في النسخة الثانية إلى ما يقرب من المئة.
لا شك أن المهنية الإعلامية تقتضي أن لا تنشر تلك الصحف والمواقع الإعلامية مثل ذلك الخطاب إلا إذا حصلت على نسخة من توقيعات كل من أدرجت أسماؤهم، أو على أقل تقدير أن تنسبه إلى مندوب أؤلئك الأكاديميين، الذي تواصل مع الإعلام من أجل نشر الإعلان، وبالتالي يتوجب عليها أن تحدد اسمه ليكون مسؤولا عن مصداقية الخطاب، من حيث صحة نسبته إلى من نسب إليهم في قائمة الموقعين.
المفاجأة السياسية (أو ربما "المسخرة" السياسية) في الموضوع أنه "يبدو" أن عددا ممن نسب إليهم الخطاب لم يعلموا أن أسماؤهم مدرجة ضمن قائمة الأكاديميين إلا بعد صدورها في الصحف، أو لم يعلموا أنّ مضمون الخطاب هو كما ظهر. وبالطبع، لا أملك الأدوات والوسائل اللازمة لإثبات الأمر، ولكنّ غيري يملكها بكل تأكيد، وبالتالي فإن هذا المقال يعبر عن تلك الحالة من العبثية السياسية من خلال ما وردني من تعقيبات على مقالي السابق (شفوية أو هاتفية أو عبر البريد الألكتروني)، ممن أدرجت أسماؤهم ضمن القائمة الأكاديمية "المدعاة". وقد أكّد بعض من أدرجت أسماؤهم ما ذكرت أعلاه، وكشفت أن ما افترضته من حسن الظن في مقالي السابق كان في موقعه، حيث كنت قلت فيه: "أميل إلى أن هنالك خطأ ما قد حصل ربما يكون قد ورّط هؤلاء الزملاء في الخروج بموقف لا يعبّر عن مكنونات أنفسهم".
وكنت قد أكّدت في المقال السابق "أن حقي أن أدق جرس إنذار"، فكان أول تعقيب وردني على مقالي ذاك أن أكّد أحد الذين أُدرجت أسماؤهم ضمن قائمة الموقعين أن من حقي أن أقول ما قلت،
وصارحني انه قد غُرر به من خلال الوثوق بمن اتصل به، عندما نقل له فكرة الخطاب عبر الهاتف على غير الوجه الذي صدر به على الورق، إلا أنه قرر بعد تدارس الأمر مع غيره (ممن يخالف مضمون الخطاب)، أن يختار الصمت لحساسية الوضع السياسي العام.
هذا الوضع يذكرني بما يتناقله الإعلام عن صمت فتيات يتعرضن للتحرش، لعدم وجود القدرة (أو ربما الجرأة) الكافية لمواجهة الموقف، أو ربما لاختيار أخف الضررين. فيستمر المتحرشون بانتهاكهم كرامة الناس، وبالتالي يستمر المتجرؤون على اغتصاب المواقف السياسية في تجاوزهم حقوق العباد في تحميلهم ما لا يحملون من المواقف. وقد عبّر صراحة أحد من وقع تحت تلك المكيدة أنه يعتبر نفسه قد تعرّض لسرقة المواقف السياسية كما تعرض أهل فلسطين لسرقة الأرض. ولكنه أيضا (كالحالة السابقة) اختار مع مجموعة ممن حوله (في حدود عشرة أكاديميين) أن يصمتوا.
وبغض النظر عن دافعهم لاختيار الصمت: أهو من باب اختيار أخفّ الضررين ؟ أم من باب الشعور بأن "اللعبة" أكبر منهم ؟ أم هي أجواء الكبت الأكاديمي في مؤسساتهم وأنهم في حالة من الاستضعاف لا تمكنهم من التحرك ؟ بغض الظر عن تلك الدوافع، فإن خطورة صمت المجتمع وقواه الحية على مثل ذلك الانتهاك السياسي مؤشر خطير على انحطاط الحياة السياسية والأكاديمية وخصوصا في مؤسسات يتوجب أن تنبض بحياة علمية وفكرية راقية وبعيدة عن عبث العابثين.
إذاً، من الواضح أن هنالك قضية هامة من قضايا الرأي العام تستوجب المتابعة الإعلامية والأخلاقية بل وربما القانونية. فهل تتحرك الوسائل الإعلامية التي نشرت الرسالة الموجهة للزعماء كإعلان مدفوع الأجر لتحقيق صحفي يبرز الحقيقية، التي لا أدعي أنني اثبتّها، ولكنّها نقلت لي من أصحابها ؟
قبل كتابة هذا المقال توجهت إلى أحد الإعلاميين الفلسطينيين ممن نشرت مؤسسته الإعلامية ذلك الإعلان مدفوع الأجر –بينما رفضت نشر مقالي السابق، ودعوته للتحقيق الصحفي والمهني في الأمر. فكان رده الصمت أيضا – رغم شخصيته الإعلامية المتمردة. وبالطبع، فإنه من باب أولى أن تصمت الصحف التي مجمل ما تطبعه من نسخ يومية قد لا يتجاوز عدد أوراق امتحان موحّد في احدى الجامعات الكبرى ! وخصوصا إذا كان الخيار بين إعلان مدفوع الأجر يسير في سياق القوة العالمية في مقابل مقال إعلامي غير مدفوع الأجر يجدّف عكس التيار العالمي.
هذا يدفع إلى تساؤلات أخرى حول مصداقية الإعلام من جديد، وهذا يفرض علي تقدير تلك الوسائل الإعلامية التي وصلها مقالي السابق ولم تتحفّظ على نشره، فهل يصمت الرأي العام على عملية اغتصاب سياسي ؟ وهل يستمر الأكاديميون بالصمت بينما مواقفهم السياسية تسرق من أفواههم خلسة كما سرقت أرضهم عنوة (كما عبر أحد الأكاديميون) ؟
أم أنهم يدركون أن في اعتقال الصديق الدكتور عبد الستار قاسم –فرّج الله عنه- عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو حفيظ.
أسئلة كثيرة ستبقى في الأجواء السياسية لدى متابعة العبث السياسي الذي "قد يكون" لعبه بعض الأكاديميين ممن يحمل شهادة الدكتوراه (على الحقيقة أو على الإدعاء)، مما يوجب التحقق.
إن المواقف المبدئية في الحياة والقضايا المصيرية فيها تفرض على الإنسان اتخاذ إجراء الحياة أو الموت دون تردد، سواء اختار التعرض لتلك المواقف أم فرضت عليه. وإن من يحفظ آية "قتل أصحاب الأخدود"، يدرك عظمة تلك المرأة التي قذفت بإبنها في النار –قبل نفسها- لئلا تتردد في اتخاذ موقف مصيري.
والحياة موقف فيه شرف الدنيا وعز الآخرة.
سؤال يدور في الذهن لدى متابعة حيثيات الخطاب الذي وجهه "أكاديميون فلسطينيون" لرؤساء أمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وكنت قبل أيام قد علّقت عليه بمقال تحت عنوان "أكاديميون فلسطينيون يستنصرون أئمة الاستعمار !"، نشرته العديد من وسائل الإعلام، واستنكرتُ فيه جهة الخطاب وما تضمن من مطالبات حول حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وما يفضي ذلك إليه من اعتراف بدولة الاحتلال. وكان الخطاب قد صدر كإعلان مدفوع الأجر في بعض الصحف والمواقع الإعلامية، وضمّ بنسخته الأولى نيفا وسبعين اسما ثم زاد عدد الأسماء (التي ينسب الخطاب إليها!) في النسخة الثانية إلى ما يقرب من المئة.
لا شك أن المهنية الإعلامية تقتضي أن لا تنشر تلك الصحف والمواقع الإعلامية مثل ذلك الخطاب إلا إذا حصلت على نسخة من توقيعات كل من أدرجت أسماؤهم، أو على أقل تقدير أن تنسبه إلى مندوب أؤلئك الأكاديميين، الذي تواصل مع الإعلام من أجل نشر الإعلان، وبالتالي يتوجب عليها أن تحدد اسمه ليكون مسؤولا عن مصداقية الخطاب، من حيث صحة نسبته إلى من نسب إليهم في قائمة الموقعين.
المفاجأة السياسية (أو ربما "المسخرة" السياسية) في الموضوع أنه "يبدو" أن عددا ممن نسب إليهم الخطاب لم يعلموا أن أسماؤهم مدرجة ضمن قائمة الأكاديميين إلا بعد صدورها في الصحف، أو لم يعلموا أنّ مضمون الخطاب هو كما ظهر. وبالطبع، لا أملك الأدوات والوسائل اللازمة لإثبات الأمر، ولكنّ غيري يملكها بكل تأكيد، وبالتالي فإن هذا المقال يعبر عن تلك الحالة من العبثية السياسية من خلال ما وردني من تعقيبات على مقالي السابق (شفوية أو هاتفية أو عبر البريد الألكتروني)، ممن أدرجت أسماؤهم ضمن القائمة الأكاديمية "المدعاة". وقد أكّد بعض من أدرجت أسماؤهم ما ذكرت أعلاه، وكشفت أن ما افترضته من حسن الظن في مقالي السابق كان في موقعه، حيث كنت قلت فيه: "أميل إلى أن هنالك خطأ ما قد حصل ربما يكون قد ورّط هؤلاء الزملاء في الخروج بموقف لا يعبّر عن مكنونات أنفسهم".
وكنت قد أكّدت في المقال السابق "أن حقي أن أدق جرس إنذار"، فكان أول تعقيب وردني على مقالي ذاك أن أكّد أحد الذين أُدرجت أسماؤهم ضمن قائمة الموقعين أن من حقي أن أقول ما قلت،
وصارحني انه قد غُرر به من خلال الوثوق بمن اتصل به، عندما نقل له فكرة الخطاب عبر الهاتف على غير الوجه الذي صدر به على الورق، إلا أنه قرر بعد تدارس الأمر مع غيره (ممن يخالف مضمون الخطاب)، أن يختار الصمت لحساسية الوضع السياسي العام.
هذا الوضع يذكرني بما يتناقله الإعلام عن صمت فتيات يتعرضن للتحرش، لعدم وجود القدرة (أو ربما الجرأة) الكافية لمواجهة الموقف، أو ربما لاختيار أخف الضررين. فيستمر المتحرشون بانتهاكهم كرامة الناس، وبالتالي يستمر المتجرؤون على اغتصاب المواقف السياسية في تجاوزهم حقوق العباد في تحميلهم ما لا يحملون من المواقف. وقد عبّر صراحة أحد من وقع تحت تلك المكيدة أنه يعتبر نفسه قد تعرّض لسرقة المواقف السياسية كما تعرض أهل فلسطين لسرقة الأرض. ولكنه أيضا (كالحالة السابقة) اختار مع مجموعة ممن حوله (في حدود عشرة أكاديميين) أن يصمتوا.
وبغض النظر عن دافعهم لاختيار الصمت: أهو من باب اختيار أخفّ الضررين ؟ أم من باب الشعور بأن "اللعبة" أكبر منهم ؟ أم هي أجواء الكبت الأكاديمي في مؤسساتهم وأنهم في حالة من الاستضعاف لا تمكنهم من التحرك ؟ بغض الظر عن تلك الدوافع، فإن خطورة صمت المجتمع وقواه الحية على مثل ذلك الانتهاك السياسي مؤشر خطير على انحطاط الحياة السياسية والأكاديمية وخصوصا في مؤسسات يتوجب أن تنبض بحياة علمية وفكرية راقية وبعيدة عن عبث العابثين.
إذاً، من الواضح أن هنالك قضية هامة من قضايا الرأي العام تستوجب المتابعة الإعلامية والأخلاقية بل وربما القانونية. فهل تتحرك الوسائل الإعلامية التي نشرت الرسالة الموجهة للزعماء كإعلان مدفوع الأجر لتحقيق صحفي يبرز الحقيقية، التي لا أدعي أنني اثبتّها، ولكنّها نقلت لي من أصحابها ؟
قبل كتابة هذا المقال توجهت إلى أحد الإعلاميين الفلسطينيين ممن نشرت مؤسسته الإعلامية ذلك الإعلان مدفوع الأجر –بينما رفضت نشر مقالي السابق، ودعوته للتحقيق الصحفي والمهني في الأمر. فكان رده الصمت أيضا – رغم شخصيته الإعلامية المتمردة. وبالطبع، فإنه من باب أولى أن تصمت الصحف التي مجمل ما تطبعه من نسخ يومية قد لا يتجاوز عدد أوراق امتحان موحّد في احدى الجامعات الكبرى ! وخصوصا إذا كان الخيار بين إعلان مدفوع الأجر يسير في سياق القوة العالمية في مقابل مقال إعلامي غير مدفوع الأجر يجدّف عكس التيار العالمي.
هذا يدفع إلى تساؤلات أخرى حول مصداقية الإعلام من جديد، وهذا يفرض علي تقدير تلك الوسائل الإعلامية التي وصلها مقالي السابق ولم تتحفّظ على نشره، فهل يصمت الرأي العام على عملية اغتصاب سياسي ؟ وهل يستمر الأكاديميون بالصمت بينما مواقفهم السياسية تسرق من أفواههم خلسة كما سرقت أرضهم عنوة (كما عبر أحد الأكاديميون) ؟
أم أنهم يدركون أن في اعتقال الصديق الدكتور عبد الستار قاسم –فرّج الله عنه- عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو حفيظ.
أسئلة كثيرة ستبقى في الأجواء السياسية لدى متابعة العبث السياسي الذي "قد يكون" لعبه بعض الأكاديميين ممن يحمل شهادة الدكتوراه (على الحقيقة أو على الإدعاء)، مما يوجب التحقق.
إن المواقف المبدئية في الحياة والقضايا المصيرية فيها تفرض على الإنسان اتخاذ إجراء الحياة أو الموت دون تردد، سواء اختار التعرض لتلك المواقف أم فرضت عليه. وإن من يحفظ آية "قتل أصحاب الأخدود"، يدرك عظمة تلك المرأة التي قذفت بإبنها في النار –قبل نفسها- لئلا تتردد في اتخاذ موقف مصيري.
والحياة موقف فيه شرف الدنيا وعز الآخرة.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر