هشام منوّر
مع وصول عملية السلام في الشرق الأوسط إلى مأزق خطير ومنعطف كبير بالقرار الذي اتخذته لجنة المتابعة العربية بمنح رئيس السلطة الفلسطينية (محمود عباس) الضوء الأخضر للانتقال بالمفاوضات مع العدو الإسرائيلي إلى المرحلة المباشرة، تحت ضغوط غربية، وأمريكية بالذات، وحاجة داخلية فلسطينية بالنسبة للسلطة لتبرير وجودها واستمرارها على رأس الهرم السياسي الفلسطيني ، تدخل ملفات هذه العملية، وبالذات ملفاً القدس واللاجئين، تبدو (إسرائيل) مهتمة بإفشال أي مهمة لأي فريق تفاوضي فلسطيني لطرح موضوع الحدود أو الأمن أو القدس أو اللاجئين من خلال التجهز بأسلحة تفاوضية في مواجهة الحقوق الفلسطينية المشروعة.
آخر ما تحاول (إسرائيل) التسلح به للتملص من التزاماتها ما قدمته ثلاث باحثات إسرائيليات في القانون الدولي من دراسة جديدة ترمي إلى تسليح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بما سمته "موقفاً علمياً ومهنياً" ليستخدمه في المفاوضات الدائمة مع الفلسطينيين، بهدف إجهاض حق عودة اللاجئين.
وتقول الوثيقة إنه لا يوجد أساس قانوني في المطلب الفلسطيني الرسمي والشعبي لعودة اللاجئين. وتحذر الحكومة من القبول حتى "شكلياً بحق العودة"، وقالت إن أي قبول كهذا سيتيح لذرية اللاجئين الحالية والمستقبلية أن تطالب بهذه العودة. ولذلك "فلا يوجد أمام (إسرائيل) سوى رفض حق العودة بأي شكل من الأشكال".
وأعدت هذه الوثيقة البروفيسورة روت جابنزون، والبروفيسورة يافا زلبرشتاين، وكلتاهما مقربتان من اليمين الإسرائيلي، الأولى رشحت من طرفه لتكون قاضية في المحكمة العليا، والثانية طرحت كمرشحة لمنصب مندوبة دائمة في الأمم المتحدة، أما الثالثة فهي مساعدة جابنزون في أبحاثها، الدكتورة نمرة غورن - أميتاي.
وتستند هذه الدراسة إلى ثلاثة أسس قانونية وسياسية وتاريخية، تفصلها زلبرشتاين على النحو التالي:
أولاً: القانون الدولي منذ الاتفاق عليه لا ينص على العودة، بل بالعكس. ففي سنة 1948، عندما نشأت قضية اللاجئين، لم تكن العودة خياراً مطروحاً حتى من الطرف العربي، وكان الاتجاه الأساسي هو الفصل بين الشعبين المتعاديين. وهذا الاتجاه هو السائد اليوم أيضاً في العالم في التعامل مع قضايا اللجوء.
ثانياً: التاريخ يسجل نماذج كثيرة تبين أن عودة اللاجئين ليست حلاً. ففي قبرص، نشأت قضية لاجئين يونانيين طردوا من بيوتهم سنة 1974. وقبل خمسة شهور انتهى البحث في هذه القضية، وحسمت الأمم المتحدة الموقف بالقول إن إعادة اللاجئين القبارصة اليونانيين إلى بيوتهم في شمال قبرص، وطرد الأتراك الذين يعيشون اليوم في تلك البيوت، غير واقعي ويزعزع الاستقرار القائم حالياً في الجزيرة.
وإنه يجب إيجاد تسوية للصراع في الإطار السياسي وليس في إطار حق العودة. وهناك نموذج آخر من البلقان، حيث تقرر عدم إعادة اللاجئين إلى المناطق الملتهبة بالصراع. والسبب في هذا أن الفرقاء توصلوا إلى القناعة، بأن إعادة اللاجئين إلى مواقع الصراع تتسبب في إيجاد حلقة جديدة للصراع، وليس تسويته.
ثالثاً: وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي أنشئت بعد حدوث مشكلة اللاجئين، عملت بشكل منهجي مخالف لمنطق التاريخ، عندما عززت وكرست اللجوء الفلسطيني.
فقد ظلت تتعامل مع الفلسطينيين الذين استقروا في الأردن وغادروا مخيمات اللاجئين وحصلوا على جنسية أردنية، على أنهم لاجئون. واعتبرت لاجئين ليس فقط أولئك الذين رحلوا في سنة 1948، بل أيضا ذريتهم - الأولاد والحفدة وحفدة الحفدة. وبسبب هذا التوجه تضاعف عدد اللاجئين من نصف مليون إلى أربعة ملايين ونصف المليون.
هذه الذرائع القانونية التي تحاول الباحثات الإسرائيليات، إن جاز لنا التعبير، سوف تحاول (إسرائيل) في الأيام المقبلة تسويقها وإقناع حلفائها الدوليين والرأي العام العالمي بأن السبب المباشر في تعثر عملية التفاوض فيما لو تعثرت، وهو المتوقع بطبيعة الحال، هو الطرف الفلسطيني "المتعنت" والمصرّ على تثبيت حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين التاريخية، وهي الأرض التي تعاني بالأصل من كثافة سكانية عالية، ونمو مطرد في أعداد المواليد الفلسطينيين، وهجرات صهيونية دائمة تحاول تعويض الخلل الديمغرافي المحدق بالوجود الإسرائيلي.
الأمر الذي قد يدفع بالفريق الفلسطيني اللاهث وراء التفاوض مهما كان الثمن، إلى التخلي عن ملف اللاجئين برمته، وهو ما كشفته العديد من الوثائق والمعلومات المسربة منذ فترة عن اعتزام السلطة الفلسطينية المطالبة بعودة عدد محدود إلى الضفة والقطاع، وعدم إزعاج شريكتها في عملية السلام (إسرائيل) بالمطالبة بحق شرعي كفلته لها جميع الشرائع والقوانين السماوية والوضعية.
مع وصول عملية السلام في الشرق الأوسط إلى مأزق خطير ومنعطف كبير بالقرار الذي اتخذته لجنة المتابعة العربية بمنح رئيس السلطة الفلسطينية (محمود عباس) الضوء الأخضر للانتقال بالمفاوضات مع العدو الإسرائيلي إلى المرحلة المباشرة، تحت ضغوط غربية، وأمريكية بالذات، وحاجة داخلية فلسطينية بالنسبة للسلطة لتبرير وجودها واستمرارها على رأس الهرم السياسي الفلسطيني ، تدخل ملفات هذه العملية، وبالذات ملفاً القدس واللاجئين، تبدو (إسرائيل) مهتمة بإفشال أي مهمة لأي فريق تفاوضي فلسطيني لطرح موضوع الحدود أو الأمن أو القدس أو اللاجئين من خلال التجهز بأسلحة تفاوضية في مواجهة الحقوق الفلسطينية المشروعة.
آخر ما تحاول (إسرائيل) التسلح به للتملص من التزاماتها ما قدمته ثلاث باحثات إسرائيليات في القانون الدولي من دراسة جديدة ترمي إلى تسليح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بما سمته "موقفاً علمياً ومهنياً" ليستخدمه في المفاوضات الدائمة مع الفلسطينيين، بهدف إجهاض حق عودة اللاجئين.
وتقول الوثيقة إنه لا يوجد أساس قانوني في المطلب الفلسطيني الرسمي والشعبي لعودة اللاجئين. وتحذر الحكومة من القبول حتى "شكلياً بحق العودة"، وقالت إن أي قبول كهذا سيتيح لذرية اللاجئين الحالية والمستقبلية أن تطالب بهذه العودة. ولذلك "فلا يوجد أمام (إسرائيل) سوى رفض حق العودة بأي شكل من الأشكال".
وأعدت هذه الوثيقة البروفيسورة روت جابنزون، والبروفيسورة يافا زلبرشتاين، وكلتاهما مقربتان من اليمين الإسرائيلي، الأولى رشحت من طرفه لتكون قاضية في المحكمة العليا، والثانية طرحت كمرشحة لمنصب مندوبة دائمة في الأمم المتحدة، أما الثالثة فهي مساعدة جابنزون في أبحاثها، الدكتورة نمرة غورن - أميتاي.
وتستند هذه الدراسة إلى ثلاثة أسس قانونية وسياسية وتاريخية، تفصلها زلبرشتاين على النحو التالي:
أولاً: القانون الدولي منذ الاتفاق عليه لا ينص على العودة، بل بالعكس. ففي سنة 1948، عندما نشأت قضية اللاجئين، لم تكن العودة خياراً مطروحاً حتى من الطرف العربي، وكان الاتجاه الأساسي هو الفصل بين الشعبين المتعاديين. وهذا الاتجاه هو السائد اليوم أيضاً في العالم في التعامل مع قضايا اللجوء.
ثانياً: التاريخ يسجل نماذج كثيرة تبين أن عودة اللاجئين ليست حلاً. ففي قبرص، نشأت قضية لاجئين يونانيين طردوا من بيوتهم سنة 1974. وقبل خمسة شهور انتهى البحث في هذه القضية، وحسمت الأمم المتحدة الموقف بالقول إن إعادة اللاجئين القبارصة اليونانيين إلى بيوتهم في شمال قبرص، وطرد الأتراك الذين يعيشون اليوم في تلك البيوت، غير واقعي ويزعزع الاستقرار القائم حالياً في الجزيرة.
وإنه يجب إيجاد تسوية للصراع في الإطار السياسي وليس في إطار حق العودة. وهناك نموذج آخر من البلقان، حيث تقرر عدم إعادة اللاجئين إلى المناطق الملتهبة بالصراع. والسبب في هذا أن الفرقاء توصلوا إلى القناعة، بأن إعادة اللاجئين إلى مواقع الصراع تتسبب في إيجاد حلقة جديدة للصراع، وليس تسويته.
ثالثاً: وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي أنشئت بعد حدوث مشكلة اللاجئين، عملت بشكل منهجي مخالف لمنطق التاريخ، عندما عززت وكرست اللجوء الفلسطيني.
فقد ظلت تتعامل مع الفلسطينيين الذين استقروا في الأردن وغادروا مخيمات اللاجئين وحصلوا على جنسية أردنية، على أنهم لاجئون. واعتبرت لاجئين ليس فقط أولئك الذين رحلوا في سنة 1948، بل أيضا ذريتهم - الأولاد والحفدة وحفدة الحفدة. وبسبب هذا التوجه تضاعف عدد اللاجئين من نصف مليون إلى أربعة ملايين ونصف المليون.
هذه الذرائع القانونية التي تحاول الباحثات الإسرائيليات، إن جاز لنا التعبير، سوف تحاول (إسرائيل) في الأيام المقبلة تسويقها وإقناع حلفائها الدوليين والرأي العام العالمي بأن السبب المباشر في تعثر عملية التفاوض فيما لو تعثرت، وهو المتوقع بطبيعة الحال، هو الطرف الفلسطيني "المتعنت" والمصرّ على تثبيت حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين التاريخية، وهي الأرض التي تعاني بالأصل من كثافة سكانية عالية، ونمو مطرد في أعداد المواليد الفلسطينيين، وهجرات صهيونية دائمة تحاول تعويض الخلل الديمغرافي المحدق بالوجود الإسرائيلي.
الأمر الذي قد يدفع بالفريق الفلسطيني اللاهث وراء التفاوض مهما كان الثمن، إلى التخلي عن ملف اللاجئين برمته، وهو ما كشفته العديد من الوثائق والمعلومات المسربة منذ فترة عن اعتزام السلطة الفلسطينية المطالبة بعودة عدد محدود إلى الضفة والقطاع، وعدم إزعاج شريكتها في عملية السلام (إسرائيل) بالمطالبة بحق شرعي كفلته لها جميع الشرائع والقوانين السماوية والوضعية.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر