الفنانة التشكيلية الفلسطينية (سعاد محمد راضي)، من مواليد ليبيا عام 1974، خضعت لمجموعة من الدورات الفنية المتخصصة إبان إقامتها في الجماهيرية الليبية، تابعت دراستها الجامعية في كلية التربية الفنية بجامعة الأقصى. تنتمي إلى الجيل السادس من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين، مشاركة في العديد من المعارض الجماعية داخل فلسطين وخارجها، وعضو في جمعية الفنانين التشكيليين الفلسطينيين بقطاع غزة، ومن اللواتي عايشن يوميات الانتفاضات الفلسطينية، بمشاعرها وأدواتها الفنية التشكيلية عبر توليفات الخط واللون والفكرة التعبيرية المُوحية، المندرجة في أنماط بصرية حافلة بفقه المعاني والإحالات الرمزية.
كانت مواضيعها في بداية الأمر متصلة بمعاناة السجناء الفلسطينيين القابعين في زنازين العدو الصهيوني، كعناوين رئيسة في مساحة ابتكارها، وترجمة واقعية وطبيعية لرسم دروب الحزن الفلسطيني متعدد الجوانب والمقامات الوجودية وتصويرها ، شغلتها قضية الأسرى الفلسطينيين وشجونهم، فكان السجن من أكثر الموضوعات الفنية تواجداً في لوحاتها. ثم انتقلت إلى أساليب التجريد الحسي الملون، والدخول في مجرة التجريب العبثي مع اللون وعناق المساحات الهندسية المتوالية.
لوحاتها محمولة بملامح واقعية تسجيلية، تعبيرية سابحة في أتون المشاعر الذاتية المنفعلة على الدوام بالأحداث الفلسطينية، وقضية الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني على وجه التخصيص. موشاة بهذه الترجمة الفنية لتلك الأحاسيس والمشاعر المسرودة فوق سطوح اللوحات، تُغرد بتقاسيم الحزن الفلسطيني، وتسبح في فلك المعالجات التقنية المحكومة بالمحاولة والتجريب، موصولة بتقنيات فنون الحفر والرسم المباشر على سطوح مستوية بأقلام وأحبار داكنة وسوداء، متدرجة في اصطفاء عناصر مواضيعها التي تُدخلنا في همومها الفلسطينية بلا مقدمات.
وتصفع عيوننا وحواسنا ومداركنا بموجات الألم الفلسطيني، ومتاهات التناقض اللوني ما بين الأبيض والأسود وما بينهما من تدريجات رمادية، كتقنية مُحببة لديها باعتبارها ميدانها المُفضل لتوصيل فكرتها التعبيرية. تُفرغ مدارات حزنها وانفعالها بالأحداث الفلسطينية والأسرى خصوصاً، عبر تنويعات الشخوص والمعاني الرمزية التي تقف وراءها، كعنوان رئيس في عموم تجربتها الفنية التشكيلية، تضعنا في مواجهة مكشوفة مع بياناتها البصرية الرافضة لواقع الاحتلال، والكاشفة عن حقيقة إرهابية الدولة، وما يمثله الكيان الصهيوني من عنصرية بكل ما فيها من كراهية للإنسان وحقد على البشرية جمعاء.
تصور الحقيقة العارية ببساطة التأليف الشكلي، معلنة انحيازها وتضامنها مع أبناء شعبها في توليفة سردية عاكسة لما يُخالجها من مشاعر الحزن والألم، والتعبيرات الفنية الصادقة الراصدة لحقيقة الواقع الفلسطيني المُعايش بكل آلامه وأماله. تقص صور المعاناة والصمود والتحدي، وتظهر جلد أبناء شعبها العربي الفلسطيني وصمودهم ، ومقدرتهم الفائقة على تحمل نوائب الاحتلال الصهيوني، بإرادتهم القوية والحرة في التصدي لجميع أشكال العدوان، بالوسائط النضالية المتاحة وفي مقدمها اللوحة التشكيلية التي لا تقل أهمية ودوراً نضالياً عن بقية المسارب الكفاحية الموازية.
لوحاتها تُحاكي عين الكاميرا (الصور الضوئية) في مسرود الرؤى، ونقل مساحة الوصف البصري في سياقات تقنية تحويرية، تُلامس الاتجاهات الواقعية التسجيلية، كمداخل سردية كاشفة مفاصل الصراع وتوصيف حالة الاشتباك المستديمة، والمحتدمة ما بين جيش العدو الصهيوني المُدجج بجميع أنواع الأسلحة في مقابل الصدور العارية من أبناء الشعب الفلسطيني المقاوم. ترسمها بالأسود متبعة تقنية التنقيط وحركية الملونات الرمادية المنتشرة في حيز اللوحات، تأخذ من المقاوم الفلسطيني تارة دلالة موضوع، والمُكبل بقيود السجن والسجان تارة أخرى زاداً بصرياً ومحطة تفاعلية لرصف معالم صورها، في أوضاع حركية وشكلية متنوعة في مقامات السرد البصري، كمادة دسمة لتوصيل الأفكار.
صورٌ محسوسة بانفعال صادق لحقيقة ما يجري في السجون الصهيونية، وما يتعرض له المقاومين والمجاهدين الفلسطينيين من دروب القهر النفسي والجسدي، تارة نراه متجلّيًا من خلال رسم عنصر واحد في بعض اللوحات، مطوقاً بالأصفاد حول معصمية، وأخرى تُطوق تفاصيل جسده. وفي كثير من اللوحات مُغطى الرأس يقف في حضرة السجان. وتارة أخرى نجد في لوحاتها متسع لمجموعات متوالية من الكتل البشرية، مُجسدة واقع قهري صهيوني مقيم، لأسرانا في سجون الاحتلال الصهيوني، وهم مكبلين يخضعون لعوامل الظلم والعقوبات الجسدية والنفسية، وإجبارهم على القيام بأشغال وأفعال لا ترقي إلى مستوى وجودهم وإنسانيتهم كبشر، أعمال غير أخلاقية مشغولة وفق آليات مرسومة من قبل السجان وإدارة السجن الصهيوني.
للأهل والأحبة حصة في تبيان بقية المشهد الدرامي، والفاصل المعنوي الأكثر إثارة في توضيح معانة أسر الأسرى اليومية، وهم يجوبون طرائقهم المتاحة في توصيل صوتهم للعالم عموماً وللقتلة الصهاينة في كثير من الأحوال، بحثاً عن أحبائهم المعتقلين في سجون البغي الصهيوني، ترسمهن الفنانة بطريقة تعبيرية رمزية مليئة بمشاعر الحزن المرتسم على تفاصيل الوجوه.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر