الفنانة التشكيلية الفلسطينية ( رانية صبحي عقل ) من أكثر الفنانات عفوية في أعمالها الفنية التشكيلية، ونزوعاً مقصوداً نحو الفطرية والسذاجة في الفن، وتنقلاً ما بين واحات الرسم والتصوير والنحت والفنون التركيبية، وتأثراً في عوالم الطفولة التي صبغت أعمالها ولوحاتها الفنية بصمحترم محتوى وتقنية شديدة البساطة، وهي أقرب لرسوم وعبث الأطفال في لحظة جموح مُخيلة ومساحة حلم، متفاعلة مع الفئات العمرية الذين مروا في مسيرة عملها الوظيفي التي شغلتها في ميادين التربية الفنية والأشغال اليدوية كمرشدة ومعلمة في رياض الأطفال عموماً وذوي الاحتياجات الخاصة على وجه التحديد، مفطورة على حرية التعبير وبساطته المكشوفة لعين المتلقي وبصيرته.
طفولة
هي من مواليد بلدة "كفر قرع" جنوبي مدينة حيفا الفلسطينية عام 1976، تتلمذت على يدي الفنانين (أحمد بويرات، فريد أبو شقرة)، عملت كمرشدة للفنون في أكثر من منطقة ومركز ثقافي، تابعت دراستها للفنون التشكيلية والتربية في معهد الفنون ببلدة "عرعرة"، ومدرسة للفنون لذوي الاحتياجات الخاصة، أقامت مجموعة المعارض الفردية والجماعية في مدن وقرى الجليل الفلسطيني وحيفا وتل أبيب وأمريكا وألمانيا.
تقاسيم الحياة
الرسم الفطري "الناييف" يجد له مُتسعاً لخصوصية تأليف وتعبير في أعمالها الفنية الموزعة مابين الرسم التعبيري بالألوان المائية والأكرليك على خامات متنوعة، وتشكيلات فنية مؤتلفة من الصدفيات البحرية، والمنحوتات الحجرية المشغولة بتقنيات وأدوات عمل حديثة، غارقة في أتون الفكرة والخامة عِبر تقاسيم بصرية وظيفية ، تُشكل جماليات مُضافة لمداخل المنازل والحدائق العامة في سياق تذكارات مُسطحة وثلاثية الأبعاد منثورة في الساحات العامة والخاصة.
أنين الرحيل
الطفولة حاضرة بقوة في رسومها، وأقرب في خصائصها ومميزاتها الفنية إلى رسوم الأطفال في المرحلة ما قبل الابتدائية والابتدائية، لا تعبا بالنسب الذهبية وأصول الرسم والتشريح الأكاديمي، بل تقصد الحرية المنفلتة من أية قيود. رسومها الخطية تفتح سجل الذكريات ومسيرة الألم الفلسطيني على طريقتها الخاصة، موظفة الخط المرسوم والعبارة المكتوبة والمتكررة عدة مرات وتحمل في مضمونها كلمة واحدة (الرحيل) لتُشكل معادلاً موضوعياً للشكل الخطي الذي يدل على رمزية الحالة، وتارة أخرى تأخذ سياق المكرر الشخصي للخطوط المتداعية فوق السطوح لترسم معالم شخوص وبيوت.
طفولة وبيوت
نجد رسوماً أخرى مُستعارة من ذاكرة التراث الشعبي الفلسطيني المُتناسلة من أشكال الزخرف الفلسطيني المعهودة في أشغال الإبرة التي تُزخرف فيها أثواب النسوة الفلسطينيات والتي تستحضر عناصر هندسية ونباتية وحيوانية، حافلة بحركة الخطوط ورقص التناظر والمكرر والمتماثل.
تقاسيم تراثية
وأخرى تسبر المواقف البصرية الجامعة للكتابة والرسم والمُتكئة على خلفيات بسيطة، والمُستمدة من معين رسوم الأطفال وعامرة بملامح بيوت ومنازل، بعضها الآخر تجد في حجارة الوطن الفلسطيني مجالاً رحباً لسرد مقامات زخارفها الفلسطينية المتصلة بالمتواليات الهندسية والنباتية ألوانها الجامعة لدائرة الألوان الأساسية وتدريجاتها الاشتقاقية المتجانسة حدة وتوافقاً لونياً.
حجارة ملونة
الأزياء الفلسطينية التراثية تأخذ حيزاً بصرياً مشهوداً في لوحاتها التصويرية، من خلال توظيف مجموع الشخوص المُحملين كسوة تراثية ووجوه تعبيرية قليلة التفاصيل الجزئية أو متلاشية الملامح ووجودها في اللوحة ثانوي أو متمم شكلي وتابع جمالي لأناقة الأزياء الفلسطينية الشعبية، ورودها في لوحاتها هي نوع من المواطنة والانحياز لتراب وتاريخ لوطن الفلسطيني العريق بأبنائه، وتذكرها لحواريات النساء على دروب القرية، أو نبع العين، وإعداد عجين الخبز، وإبراز خمار القلادةالمزين بالليرات الفضية والذهبية وسواها، ما هي إلا إحالات دلالية تمسك الفنانة بالجذور والعودة للأصول وبالهوية الوطنية العربية الفلسطينية بالرغم من عيشهم تحت أبصار وحراب الاحتلال الصهيوني.
عجين الخبز
النحت لديها كما أشرنا، مرهون بوظيفتيه الجمالية ومتناسب ومتطلبات العرض والفرص المُتاحة عِبر في تزين بوابات المنازل وحدائقها تارة، والبحت الفني فوق حجارة كلسيه وأخرى رخامية، أو المشغولة على خامات معدنية أو صدفية، جميعها تمد حبل الوصل التعبيري مع صيغ فنية مشابهة لأساليبها المُتبعة في الرسم والأعمال التركيبية، لا تُغادر البساطة والعفوية والسذاجة الشكلية، كتل نحتية ثنائية العناصر وثلاثية الأبعاد، وأحادية الشكل ومسطحة منوع "بارليف" في بعدي الطول والعرض.
تشكيل نحتي
البنية المعمارية المُتبعة في صوغ لوحتها التصويرية " على طريق القرية" قائمة على أربعة مستويات رؤية متواترة، البؤرة المركزية المحورية في اللوحة مُجسدةبنسوة فلسطينياتفي حالة مُصافحة ومقابلة شكلية يفصلهما عنصر "الحمار،في الوسط، باعتبارها أبعاد ثلاثة مرئية، والبعد الرابع مشغول بخلفية متوازنة المساحة والألوان، النسوة في دثارهم الفلسطيني التراثي في زخارفه الملونة يغلب عليها ملونات الحمر والأسود، وموشاة بخيوط صفراء، في وجوه مبرقعة بملاية بيضاء، تعكس إيقاعها اللوني في الخلفية المؤلفة من أرضية بنية داكنة، وجدران مرصعة بملونات بنية فاتحة، تاركة المجال لزرقة داكنة في قسم اللوحة العلوي. التقاسيم اللونية محمولة بالامتداد المساحي لفرشاة التلوين، غير متكلفة وبسيطة في جميع عناصر ومفردات اللوحة.
على دروب القرية
أما لوحتها التصويرية "على نبع العين" هي صورة بصرية أمينة ليوميات الذاكرة الشعبية الحافلة بالصور والأحداث والجماليات، وما تحتله قصص منابع المياه وعيونها الكثيرة في رحم الجبل والقرية الفلسطينية من دلالات ورمزية المعاني، توردها الفنانة أشبه بحلم خرج للتو من مساحة نومها العميق واستغراقها لمكونات صورها ومفرداتها البصرية المُستعارة، السيدةفي كسوة ثوبها وغطاء رأسهاوعناق جرة الماء، ومياه النبع المُتدفقة، ما يُحيطها من مناظر خلوية وطبيعة وجدران، هي حِلة بصرية جامعة للمحتوى والتقنية والبساطة الشكلية وحنين الذاكرة وأحاديث الجدود حول جماليات المعايشة اليومية والوطن الفلسطيني المُستلب.
على نبع الماء
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر