تشكل قرية (الشيوخ) الصغيرة في جبل الخليل، نموذجا مختلفا، وإن يكن ليس نادراً، للاستيطان الحضاري العربي في فلسطين، فهي تكونت ونمت حول مقام القطب الصوفي الشيخ إبراهيم الهدمي.
وعلى بعد أمتار من مقام الهدمي، والذي يوجد قبره في الغار الذي سكن فيه، وقف أحد أحفاده وهو الباحث عدنان عويضات، على قمة جبل يطل على أودية زراعية خصبة، يتحدث بحماسة عن مشروعه الذي يعمل عليه منذ 15 عاماً، وهو إنجاز موسوعة من عدة مجلدات عن قرية الشيوخ الصغيرة هذه وهو ما يمكن أن يثير الغرابة، ولكن ذلك لن يكون إلا للوهلة الأولى.
أطفال أمام مسجد الشيوخ القديم
يقول عويضات "يعود تاريخ الشيوخ إلى مؤسسها الشيخ إبراهيم بن عبد الله الهدمي، الذي كتب عنه الكثير من المؤرخين، أولهم خليل بن يبك الصفدي ووفقاً للمؤرخين، فإن الهدمي ولد سنة 630 للهجرة، وتوفي 730 للهجرة، ويعود نسبه إلى السلطان بدر، الذي سكن وادي النسور غرب القدس، ويعود نسب الأخير إلى زين العابدين بن الحسين بن علي زوج فاطمة الزهراء، بنت رسول الله عليه السلام".
والسلطان بدر هو أحد الشخصيات الفلسطينية القديمة التي تتوفر معلومات عنه، بفضل مؤرخ القدس مجير الدين الحنبلي، الذي ذكر تفاصيل عنه في كتابه (الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل).
وأحصى عويضات عشرة مؤرخين كتبوا عن الهدمي، من بينهم مثلا الرحالة عبد الغني النابلسي الذي زار الشيوخ، والتقى مع أبنائه.
الباحث عويضات يتحدث للمؤسسة
وما زالت شخصية الهدمي مؤثرة كثيرا بالنسبة لشخص مثل عويضات، الذي يشير إلى أن الهدمي كان شاعرا صوفيا، وكتب تائية من ألف و160 بيت تقريباً، وجد منها عويضة 4 آبيات ويبحث عن الباقي.
يقول عويضات "عندما قدم الهدمي إلى بلاد الشام أقام في محافظة القدس، وتوجه لاحقاً إلى محافظة الخليل، وارتحل إلى أعالي جبال طورا وأقام فيها، في المكان المعروف الآن باسم مقام مصلى الشيخ نسبة للشيخ الهدمي، الذي مكث فيه فترة من الوقت وتراءى له النور فيه، وانتقل في وقت لاحق إلى مقام الغار الذي يوجد فيه قبره الان".
ومقام الغار هذا يقع الان وسط قرية الشيوخ التي أقيمت حوله، ونسجت في وقت ما ميثولوجيا محليّة عنه، مثل ما يقال بأن ثلثي الإنجيل نزل على عيسى عليه السلام في هذا الغار.
جزء من بلدة الشيوخ القديمة
وحتى وقت قريب كان يوجد على المقام حجر مدون عليه ثلاثة آبيات من الشعر، ولكن هذا الحجر سرق، وعلى هذا المقام أقيم مسجد القرية القديم، الذي تم توسيعه حديثاً.
وتميز سكان الشيوخ بارتدائهم (اللفة الخضراء) على رؤوسهم، وكان يمكن حتى قبل سنوات قليلة رؤية كبار السن يرتدون غطاء الرأس هذا، الذي كان يميز الحسينيين، عن الحسنيين.
عاش الهدمي طويلاً في هذا المكان متأملاً معتزلاً، الذي كان بعيداً عن حركة الناس في زمن مضى، واشتهر كقطب صوفي، ولكنه في سن متقدم اقدم على خطوة غيرت مسيرة المكان، حيث تزوج وكان له من العمر 81 عاماً، ويقال حسب بعض المصادر أن امراته كانت من عائلة صبارين إحدى عائلات بلدة بيت أمر، ومنح أرض وقفية تمتد من منطقة العروب إلى أقصى حدود قرية الشيوخ فمنطقة بئر النمر ومنطقة العديسة.
يقول عويضات "أنجب الهدمي أربعة من الأبناء، وأصبحت ذريته معفية من الضرائب، لكونهم من الحسينيين، ولكن في الوقت ذاته كانوا مجبرين على أداء الخدمة العسكرية".
وبزواج الهدمي، يمكن أن نؤرخ لقرية الشيوخ العربية، ولكن هذا لا يعني أبدا أنها لم تشهد قبلاً استيطاناً قديماً.
عدل سابقا من قبل اجراس العودة في الأحد 12 يوليو 2009, 10:48 am عدل 1 مرات
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر