ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ملتقى أجراس العودة

مرحباً بك عزيزي الزائر في ملتقى أجراس العودة ، اذا لم يكن لديك حساب بعد نتشرف بدعوتك لإنشائه

ملتقى أجراس العودة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ملتقى أجراس العودة

سياسي، ثقافي ، اجتماعي، إخباري


    الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي

    لمى جبريل
    لمى جبريل
    المدير العام
    المدير العام


    انثى القوس جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي Jordan_a-01
    رقم العضوية : 2
    نقاط : 27505
    السٌّمعَة : 43
    تاريخ التسجيل : 25/01/2009

    الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي Empty الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي

    مُساهمة من طرف لمى جبريل الأحد 09 أغسطس 2009, 9:21 am

    محاولة لقراءة الحياة البرلمانية في الوطن العربي ، أخذنا نتساءل : يا ترى كم واحد من أعضاء مجلس الأمة قرأ دستور بلاده ! وإذا قام بقراءته هل فهم أو استوعب روح المواد الدستورية ؟ هل توصل إلى أن الديمقراطية في مجملها النهائي تعني العدالة والإنسانية واحترام الجميع واحترام معتقداتهم والدفاع عن حقوقهم ؟ وأن العدالة تعني المحبة ، محبة الجميع وليس فقط محبة من يمتلكون حق التصويت وإيصاله إلى كرسي البرلمان ؟ وهل يعرف هذا المرشح بأن هذه الشرائع هي بنية علم السياسة الأساسية ؟ هل سمع ذات يوم بمونتسكيو مؤسس علم السياسة ؟ هل سمع بأفلاطون الذي أكد أن السياسة هي موضوع علم ما ، والبرهان على ذلك هو أن هذا العلم يزودنا بمعرفة الجمهورية ورجل السياسة والقوانين ؟ وهل يعلم بأن أشد الميتافيزيقيين ، مثل ليبنتز ، يقصي علم السياسة أو التاريخ عن الله ، هذين العلمين اللذين يبدوان كترابط لأعراض المصادفة ولأوامر الحرية الإنسانية . لكننا لانضع أبداً بين يديّ الله سوى الأخطاء التي ارتكبها الإنسان . وقد كان ليبنتز يعزو لله كلياً الفكرة الإنسانية عن علوم الإنسان . إما بالنسبة للوضعيين والأخلاقيين وفلاسفة الحق ورجال السياسة ، وسبينوزا نفسه ، فلم يشكّوا لحظة واحدة بإمكانية معالجة العلاقات الإنسانية كعلاقات فيزيقية . فلم يرى ” هوبز ” سوى فارق واحد بين الرياضيات والعلوم الإجتماعية : الأولى توحّد البشر والثانية تفرقهم . وذلك لسبب وحيد وهو أن حقيقة البشر ومصلحتهم لاتدخلان في تعارض في مبحث الرياضيات ، أمّا في الثانية ففي كل مرة يتناقض فيها العقل مع الإنسان ، فإن الإنسان يتناقض مع العقل . إن سبينوزا يريد ، هو أيضاً ، معالجة العلاقات الإنسانية تماماً كما نتصرف مع أشياء الطبيعة وبنفس الطرق . وأن هلفيسيوس يقول عن مونتسكيو بأنه يمتلك ” عقلية ” مونتاني . أنه يتمتع بنفس الفضول ويضع لنفسه نفس المادة للتأمل . كان التاريخ بأسره ، تاريخ كل البشر الذين عاشوا يشكل موضوع تأمله ، مثل مونتاني وأتباعه جميعاً الذين كانوا يجمعون الأمثلة والوقائع التي كانوا يبحثون عنها في كل الأمكنة وكل الأزمنة . ولم يخطر على باله هذه الفكرة بالصدفة . يقول مونتسكيو عن روح الشرائع : ” ان هذا العمل يتخذ الشرائع موضوعاَ له وكذلك العادات والتقاليد المختلفة لجميع شعوب الأرض . يمكن القول ان هذا الموضوع واسع جداً لأنه يشمل كل الدساتير التي تقبّلها الناس ” – دفاع عن روح الشرائع ، الجزء الثاني – ويقول لوي ألتوسير في ” مونتسكيو – السياسة والتاريخ ” بأن هذا الهدف بالضبط هو الذي يميّزه عن جميع المؤلفين الذين حاولوا قبله جعل السياسة علماً إذ لم يسبق أن تجرّأ أحد قبله على التفكير في عادات كل الشعوب وشرائعهم . إن تاريخ ” بوسّويه ” يدّعي الشمولية : لكن شموليته تكمن في القول بأن ” التوراة ” قالت كل شيء وان التاريخ كله يتعلق بها ، كشجرة البلّوط بثمرتها . وهناك ” بوسّويهات ” آخرون موجودون في كل الأديان أشد تطرفاً من ” بوسّيهنا ” هذا الذي ذكرناه حيث قدسوا أسماء جديدة وصنعوا أصنام تمت اضافتها للأصنام القديمة وليس هنا مجال لذكر كل ذلك . نعود لموضوعنا ونقول لقد اتهم مونتسكيو بالإلحاد وبمذهب التأليه : ” مذهب يقّر بوجود الله وينكر الوحي والآخرة ” ، وبأنه ألغى فكرة الخطيئة الأصلية وبّرر تعدّد الزوجات ..الخ ، وباختصار ، بأنه أحال الشرائع الى أسباب إنسانية بحتة . يجيب مونتسكيو : ” إن إدخال اللاهوت في التاريخ هو خلط للأنظمة ببعضها والغاء للفوارق بين العلوم وهذا ما يشكّل الوسيلة الأضمن لإبقائها في مرحلة الطفولة . ” كلا ، إن حديثه لايهدف للعب دور اللاهوتي فهو ليس بلاهوتي ، بل مشّرع وسياسي . إنه يقر بامكانية ان يكون لموضوعات العلم السياسي ” أيضاً ” معنى دينياً وبامكانية اعطاء رأي في قضية العزوبة وتعدّد الزوجات وإفراط اللاهوتي . لكن هذه الوقائع كلها تعود أيضاً ، وقبل كل شيء ، لنظام غريب عن اللاهوت ، لنظام مستقل ذاتياً له مبادئه الخاصة . اذن ، لنتركه بسلام . بما ان لكل نظام قوانينه ، فهو لايدّعي سوى قوانينه الخاصة . انه يردّ على اللاهوتيين والأخلاقيين بأنه لايوّد سوى الحديث ” إنسانياً ” عن نظام الأشياء الانساني وسياسياً عن النظام السياسي . انه يدافع هاهنا عن قناعته الأكثر عمقاً : إن علمّا عن السياسة لايمكنه الإستناد إلاّ على مادته الخاصة وعلى الاستقلال الذاتي الجذري للسياسي بما هو عليه . إن فوغان يوضح في كتابه ” تاريخ الفلسفة السياسية ” حول النظرية السياسية أن جميع المنظّرين السياسيين للقرنين السابع عشر والثامن عشر هم ” باستثناء فيكو ومونتسكيو ” منظّرو ” العقد الاجتماعي ” .
    لمى جبريل
    لمى جبريل
    المدير العام
    المدير العام


    انثى القوس جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي Jordan_a-01
    رقم العضوية : 2
    نقاط : 27505
    السٌّمعَة : 43
    تاريخ التسجيل : 25/01/2009

    الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي Empty رد: الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي

    مُساهمة من طرف لمى جبريل الأحد 09 أغسطس 2009, 9:22 am

    ماذا يعني هذا الاستثاء ؟ كي نقرّر ذلك من الملائم إلقاء نظرة سريعة على نظرية الحق الطبيعي و قراءة كتاب «العقد الاجتماعي» لجان جاك روسو ؟ والذي قال فيه : ولد الإنسان حرا، إلا أنه مكبل في كل مكان بالأغلال. على ذلك النحو يتصور نفسه سيد الآخرين الذي لا يعدو ان يكون أكثرهم عبودية. فكيف جرى هذا التغيير؟ أجهل ذلك. وما الذي يمكنه أن يجعله شرعيا؟ أعتقد أنني أستطيع حل هذه المسألة. ولو كنت لا أولي اعتباراً إلا للقوة لقلت: ما دام أي شعب يُكرَه على الطاعة وأنه يطيع، فإنه يحسن صنعا، وحين يستطيع خلع نير الطاعة ثم يخلعه فعلا، فإنه يحسن صنعا أكثر، إذ يكون قد استعاد حريته بنفس الحق الذي سلبت منه به، أو إنه يكون موطد العزم على استردادها، أو إنه لم يكن ثمة من يستطيع أن ينتزعها منه. النظام الاجتماعي حق مقدس، بمثابة أساس لجميع الحقوق الأخرى، ومع ذلك فإن هذا الحق لا يصدر عن الطبيعة قط، إنه مبني على تعاقدات. وإن ما يوحّد فلاسفة الحق الطبيعي هو طرحهم لمسألة: «ما هو أصل المجتمع؟» وحلّها بنفس الوسائل : «حالة الطبيعة والعقد الاجتماعي».قد يبدو اليوم فريداً جداً طرح «المسألة حول الأصل»، والتساؤل حول كيف استطاع الرجال الذين يفترض وجودهم الفيزيقي بالذات حدّاً أدنى من الوجود الاجتماعي دائماً ان ينتقلوا من حالة «العدم» الاجتماعي الى علاقات اجتماعية منظّمة، وكيف اجتازوا هذه العتبة الأصلية والجذرية بعيداً عن منطق القوة؟، وكما يقول روسو: إن الأقوى لا يبقى أبدا على جانب كاف من القوة ليكون دائما هو السيد إن لم يحول قوته إلى حق، والطاعة إلى واجب. وما كان حق الأقوى، وهو حق أُخذ على محمل السخرية في الظاهر وفي حقيقة الأمر، أُقر كمبدأ. ولكن أفلا ينبغي أن يفسر لنا أحدهم هذه الكلمة. إن القوة هي قدرة مادية لست أرى أية أخلاقية يمكن أن تنتج عن آثارها. فالخضوع للقوة هو فعل من أفعال الضرورة، لا من أفعال الإرادة، إنه على الأكثر فعل يمليه الحرص. فبأي معنى يمكنه أن يكون واجبا؟ لنفترض لحظة وجود هذا الحق المزعوم. فإنني أقول إنه لا ينجم عن هذا الافتراض الا هراء لا يمكن تفسيره. إذ ما ان تكون القوة هي التي تصنع الحق حتى يتغير المعلول مع تغير العلة. فكل قوة جديدة تتغلب على الأولى ترث حقها. وما إن نتمكن من خلع الطاعة بلا عقاب حتى يصبح في إمكاننا فعل ذلك شرعيا. وما دام الأقوى على حق دائما، تصبح بغية المرء أن يعمل بحيث يكون هو الأقوى. فما قيمة حق يتلاشى بتلاشي القوة؟ فإذا وجبت الطاعة بالقوة، فلا حاجة للطاعة بالواجب، وإذا لم يقسر المرء على الطاعة لا يكون ملتزما بها. وهكذا نرى إذن أن كلمة حق هذه لا تضيف شيئا إلى القوة، فهي هنا لا تعني شيئا البتة. أطيعوا السلطات. فإذا كان هذا يعني الخضوع للقوة يكون التعليم جيدا، إلا أنه لا حاجة له وجوابي أنه سوف لا تنتهك حرمته أبدا. وأنا أعترف بأن كل قوة تأتي من الله، لكن كل مرض يأتي منه كذلك. فهل يعني ذلك ان يكون ممنوعا اللجوء إلى الطبيب؟ لئن فاجأني قاطع طريق في ركن من غابة: فلا يجب إعطاؤه نقودي بالقوة فحسب، ولكن هل أكون مجبرا، بصراحة، عندما يمكنني إخفاؤها عنه، على تسليمها إليه؟ ذلك ان المسدس الذي يمسك به هو بالتالي قوة كذلك. لنعترف إذن أن القوة لا تصنع حقا وإننا لسنا ملزمين بالطاعة إلا للسلطات الشرعية. لقوة القانون بدلاَ من قوة القبيلة والحجارة، بدلاً من قوة النصوص الدينية التي تفسرها الأهواء العاطفية والمصالح السياسية. إن «العقد الاجتماعي» هو الذي يؤمّن العبور من انعدام المجتمع إلى المجتمع الحالي. هنا ايضاً يمكن ان يبدو تمثّل قيام مجتمع ما بتأثير اتفاق عام غريبا، كما لو أن أي اتفاق لايفترض أصلاً مجتمعاً قائماً، لكن لابدّ من قبول هذه الإشكالية بما أنها قد اعتبرت ضرورية، والتساؤل فقط «عما يعنيه هذا العقد» الذي لايمكن اعتباره مجرّد وضع قانوني مصطنع، بل التعبير عن أسباب عميقة جداً.
    لمى جبريل
    لمى جبريل
    المدير العام
    المدير العام


    انثى القوس جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي Jordan_a-01
    رقم العضوية : 2
    نقاط : 27505
    السٌّمعَة : 43
    تاريخ التسجيل : 25/01/2009

    الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي Empty رد: الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي

    مُساهمة من طرف لمى جبريل الأحد 09 أغسطس 2009, 9:37 am

    فالقول إن المجتمع البشري ناتج عن عقد يعني التصريح بالفعل بأن لكل مؤسسة اجتماعية أصل «إنساني ومصطنع» بحت. يمكن أن نسميه القانون أو دستور الدولة، ولكنه حتماً ليست القوة، حيث إنه ليس لإنسان سلطة طبيعية على أقرانه وأن القوة لا تنتج أي حق، كما يقول روسو، فإن الاتفاقات تبقى إذن هي الأساس لكل سلطة شرعية بين البشر.هكذا فإن حق الاستعباد، من أية زاوية نظرنا إلى الأمور، حق باطل، ليس فحسب لأنه غير شرعي وإنما لأنه محال ولا يعني شيئا. ان هذين اللفظين: «استعباد» و«حق» لفظان متناقضان أحدهما ينفي الآخر. وسواء أكان الأمر من إنسان لإنسان أم من فرد لشعب، فإنه لمن البلاهة دائما أن نقول: «إنني أعقد معك اتفاقا كله على حسابك وكله في صالحي وسأنفذه طالما يروق لي وإنك ستنفذه طالما يروق لي». باسم العرف القبلي أو باسم المقدس، ولنا أن نقول إن المجتمع ليس ناتجاً بتأثير مؤسّسة «إلهية» ولا بتأثير نظام «طبيعي» انه يعني قبل كل شيء رفض فكرة قديمة أو سلفية عن نشوء النظام الاجتماعي واقتراح فكرة جديدة عنه. ولنا أن نقول، ليس فقط منظّرو الأصل الإلهي لكل مجتمع هم الذين يستطيعون خدمة كثير من القضايا، رغم خدمتهم في ذلك الوقت قضية الوضع القائم، لكن بالأخص أنصار الطابع «الطبيعي» (لا الاصطناعي) للمجتمع: أولئك الذين يفكرون بأن الروابط الإنسانية مرسومة مسبقاً في «طبيعة» ما ليست سوى إسقاط للنظام الاجتماعي القائم، في طبيعة حيث الناس مسجّلون مسبقاً «في أنظمة ودول». كي نقول بكلمة واحدة ما هو موضع شك فإن نظرية العقد الاجتماعي تقلب عموماً «القناعات» الخاصة بالنظام الاقطاعي، والايمان بانعدام المساواة «الطبيعية» للبشر وبضرورة الأنظمة والدول. يقول روسو بما معناه، أنه يجب الرجوع دائما إلى اتفاق أول. فسيكون ثمة فارق كبير دائما بين إخضاع جمهور غفير وإدارة مجتمع. ولئن أُخضع أشخاص مشتتون، تباعا لسيطرة فرد واحد، أيا كان عددهم فإنني لا أرى في ذلك قط إلا سيدا وعبيدا، لا أرى قط شعبا وزعيمه، انها جمهرة، إذا شئنا لا اتحاد. إذ ليس في ذلك خير عاما ولا هيئة سياسية. فهذا الرجل، حتى وإن استعبد نصف العالم لا يكون أبدا إلا فردا، ولا تكون مصلحته، المنفصلة عن مصلحة الآخرين إلا مصلحة خاصة على الدوام. وإذا حدث أن هلك هذا الرجل نفسه، لظلت مملكته من بعده مبعثرة، وبلا رابطة كما تسقط سنديانة كبيرة في كتلة من الرماد بعد ان تستهلكها النيران. يقول غروتيوس: «قد يهب شعب نفسه إلى ملك». فالشعب يكون شعبا إذن في رأي غروتيوس قبل ان يهب نفسه إلى ملك. إلا ان هذه الهبة نفسها هي فعل مدني يستلزم مداولة عامة. فقبل ان نتناول إذن بالبحث الفعل الذي ينتخب به شعب ملكا له يكون من المستحسن ان نبحث بالفعل الذي يكون به الشعب شعبا. ذلك ان هذا الفعل، نظرا لأنه سابق بالضرورة للفعل الآخر، هو الأساس الحقيقي للمجتمع. وبالفعل، إذا لم يكن هناك اتفاق سابق قط فأين يكون، ان لم يكن الانتخاب بالإجماع، الإلزام بالنسبة للعدد الصغير على الخضوع لاختيار العدد الأكبر، ومن أين مصدر الحق لمئة شخص يريدون سيدا، في التصويت نيابة عن عشرة لا يريدون سيدا قط؟ فهل يكون قانون أغلبية الأصوات هو نفسه إنشاء للتعاقد ويفترض الاجتماع مرة على الأقل؟ نقول إن المعيار الناضج في «هذه اللحظة» للتفريق بين الميول هو اعتبار أن «نسق الألفة الطبيعية أو غريزة الاجتماع» تحدّد نظرية ذات إلهام إقطاعي وفلسفة العقد الاجتماعي نظرية ذات وحي «برجوازي» حتى حين تكون في خدمة الحكم المطلق ( مثلاً لدى هوبز ). بالفعل فإن فكرة كون البشر هم صانعو مجتمعهم في حلف أصلي يمكن أن يزدوج أحياناً إلى حلف مشترك ( مدني ) وحلف سيطرة ( سياسي ) هي حينئذ فكرة ثورية مردّدة، ضمن النظرية البحتة، النزاعات الاجتماعية والسياسية لعالم في طور الولادة. إن هذه الفكرة هي في آن معاً احتجاج ضد النظام القديم وبرنامج من أجل نظام جديد. إنها تحظّر على النظام الاجتماعي القائم وجميع المسائل السياسية المطروحة في ذلك الحين اللجوء إلى «الطبيعة» ( على الأقل لهذه «الطبيعة» غير العادلة ) ، وتفضح فيها الدجل وتقييم المؤسسات التي يدافع عنها مؤلفوها بما فيها الحكم المطلق في صراع ضد الاقطاعيين على أساس «الإتفاق الإنساني». إنها تعطي البشر بهذه الطريقة القدرة على رفض المؤسسات القديمة واقامة الجديدة وعند الحاجة إبطالها أو اصلاحها باتفاق جديد. في هذه النظرية حول حالة الطبيعة والعقد الاجتماعي، التي تبدو مجرد تأمل، نشهد نظاماً اجتماعياَ وسياسياً يسقط وأناساً يشيدون النظام الجديد الذي يريدون الدفاع عنه أو بناءه على أسس ومبادئ مبتكرة. إنني أفترض ان الناس وقد وصلوا إلى ذلك الحد الذي تغلبت فيه العقبات التي تضر ببقائهم في حالة الطبيعة، بمقاومتها، على القوى التي يستطيع كل فرد استعمالها من اجل استمراره في تلك الحالة. عندئذ لم يعد في مكنة تلك الحالة البدائية ان تدوم، وكان الجنس البشري سيهلك لو لم يغير طريقة وجوده. ولما كان البشر لا يستطيعون خلق قوى جديدة وإنما توحيد وتوجيه قواهم الموجودة فحسب، فانه لم يبق لديهم من وسيلة أخرى للبقاء إلا تشكيل جملة من القوى بالدمج، أو ( كما يقول روسو )، يمكنها التغلب على المقاومة وحشدها للعمل بدافع واحد وجعلها تتصرف بتناسق. هذا المجموع من القوى لا يمكن ان ينشأ إلا بمؤازرة عديدين : ولكن بالنظر إلى ان الأدوات الأولى في المحافظة على بقاء كل إنسان هي قوته وحريته فكيف يقيدهما دون الإضرار بنفسه ودون التهاون في أمر العنايات الواجبة عليه نحو نفسه؟ هذه الصعوبة يمكن وضعها، في حدود اتصالها بموضوعي، في العبارات التالية التي حددها روسو : « إيجاد شكل من الاتحاد يدافع ويحمي كل القوة المشتركة، شخص كل مشارك وأمواله، ومع ان كل فرد يتحد مع الجميع إلا أنه لا يطيع إلا نفسه ويبقى حرا كما كان من قبل». هذه هي المشكلة الأساسية التي يقدم العقد الاجتماعي حلا لها .إن شروط هذا العقد محددة بطبيعة الفعل إلى درجة ان أدنى تعديل يجعلها باطلة ولا أثر لها، بحيث انها، وان كانت ربما لم تذكر صراحة أبدا، تكون هي نفسها في كل مكان، وهي في كل مكان مقَرة ضمنا ومعترف بها، إلى ان يعود كل فرد، بعد ان تنتهك حرمة الميثاق الاجتماعي، إلى حقوقه الأولى عندئذ ويسترد حريته الطبيعية بفقده الحرية التعاقدية التي تخلى لأجلها عن حريته الأولى.
    لمى جبريل
    لمى جبريل
    المدير العام
    المدير العام


    انثى القوس جنسيتك : اردنية
    اعلام الدول : الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي Jordan_a-01
    رقم العضوية : 2
    نقاط : 27505
    السٌّمعَة : 43
    تاريخ التسجيل : 25/01/2009

    الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي Empty رد: الحياة البرلمانية والثقافة السياسية في الوطن العربي

    مُساهمة من طرف لمى جبريل الأحد 09 أغسطس 2009, 9:37 am

    هذه الشروط يمكن اختصارها جميعها بالطبع في شرط واحد، ألا وهو التنازل الكامل من جانب كل مشارك عن جميع حقوقه للجماعة كلها. إذ بما ان كل شخص، بدءا، قد قدم نفسه بأكملها، وان الحالة متساوية بالنسبة للجميع، وبالنظر إلى تساوي الحالة بالنسبة للجميع، فلا مصلحة لأحد بأن يجعلها مكلفة للآخرين . أما وقد تم التنازل بلا تحفظ فان الاتحاد فضلا عن ذلك، يكون أكمل ما يمكن ان يكون ولا يبقى لأحد شيء يطالب به. إذ لو بقيت للأفراد بعض الحقوق، ولعدم كون أي مرجع أعلى مشتركا يمكن الفصل بينهم وبين الجمهور، وبالنظر إلى ان كل واحد في أية نقطة سرعان ما قد يدعي أنه الحكم الخاص لنفسه في جميع المسائل، إذن لكانت حالة الطبيعة قد دامت ولأصبح الاتحاد بالضرورة استبداديا أو عقيما. وأخيرا فان كل واحد إذ يهب نفسه للجميع، لا يهب نفسه لأحد. ولما لم يكن ثمة من مشارك لا نحصل منه على الحق نفسه الذي نتخلى عنه من أنفسنا، فإننا نكسب ما يعادل كل ما فقدناه وأكثر من ذلك قوة للمحافظة على ما لدينا. إذا استبعدنا من الميثاق الاجتماعي ما ليس من جوهره سنجد أنه يتقلص إلى العبارات التالية التي ذكرها روسو في «العقد الاجتماعي» : « يسهم كل منا في المجتمع بشخصه وبكل قدرته تحت إدارة الإرادة العامة العليا، ونلتقي على شكل هيئة كل عضو كجزء لا يتجزأ من الكل». .

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 26 نوفمبر 2024, 7:52 pm