ليس لإسرائيل حق الصمت
ايال بنبنستي
ايال بنبنستي
في السنوات الاخيرة تتبلور في العالم ممارسة اجراء تحقيقات خارجية في أعقاب القتال. بعد القتال في كوسوفو في 1999، جرى استيضاح قانوني بالنسبة لقانونية عمليات الناتو؛ حرب ارتيريا اثيوبيا، انتهت بتشكيل لجنة تحقيق دولية؛ مجلس الامن شكل لجنة تحقيق في القتال في اقليم دارفور. وقبل نحو شهر وصلت لجنة التحقيق التي شكلها الاتحاد الاوروبي الى الاستنتاج بان روسيا وجورجيا خرقتا قوانين القتال في صيف 2008.
ينبغي أن يضاف الى ذلك تدخل المحاكم الدولية، والتي تفحص كأمر عادي سلوك بريطانيا في العراق، روسيا في الشيشان وتركيا في قبرص. هكذا ترسخت ثقافة فحص خارجي في الاماكن التي تثور فيها شكوك بالنسبة للحفاظ على قوانين القتال. الاطراف في القتال تتعاون مع المحافل الفاحصة، تعرض مواقفها وتقبل استنتاجاتها.
الدول تتعاون مع هؤلاء المحققين لانه في عصر ثقافة التحقيق الخارجي لا يوجد للمتهم حق في الصمت. من يصمت يعرض نفسه لخطر ضياع التأييد من الرأي العام العالمي، وعليه ايضا تأييد الحكومات الاجنبية. هذا التأييد هو ذخر استراتيجي في اثناء القتال المستقبلي: اذا كانت اهداف القتال واساليبه تلقى الشرعية، سيقل الضغط السياسي لانهائه قبل أن تستكمل اهدافه. بالمقابل، رفض التعاون من شأنه أن يجعل للدولة على المدى البعيد سمعة خارقة قانون ووضعه عدالة وجودها قيد الشك. هذا الخطر بات ملموسا في تقرير غولدستون الذي ينتقل من التحقيق في القتال في غزة الى عرض اسرائيل كدولة ذات نظام تمييز ويثير ضمنا الشك في شرعية وجودها.
فضلا عن هذه الاضطرارات فانه في قبول ثقافة التحقيق تكمن فضائل هامة لاسرائيل ايضا. اولا، أهلية الجيش، الذي يغض نظره عما يجري في داخله، تتضرر. ثانيا، التحقيق المصداق الذي يأخذ بالحسبان الاضطرارات الامنية التي تقف امامها اسرائيل سيساعدها في التأثير على تصميم القانون الدولي بالنسبة للقتال ضد محافل دون دولة.
يدعي المعترضون بان اجراء تحقيق بعد القتال سيردع المقاتلين ويثقل على القوات بسبب الحاجة لجمع أدلة على شروط القتال، طبيعة الاهداف وما شابه. هذه اعتبارات ضد ادارة التحقيقات ولكن ايضا في صالح تحسين الوسائل لجمع وتوثيق المعلومات وفي صالح تثبيت قواعد واضحة للجنود. يوجد لهذا ثمن في تخصيص القوى البشرية، الوسائل والزمن في التدريب، ولكن ليس في ذلك بالضرورة ما يؤدي الى تعريض حياة الانسان للخطر. بالعكس: لايضاح القواعد توجد اهمية من ناحية المقاتلين الذين بالنسبة لهم المهنة العسكرية تستوجب احترام القانون والاخلاق القتالية. انعدام اليقين بشأن قانونية قتالهم من شأنه بالذات ان يوهن ايديهم وان يدفعهم لان يفضلوا بديلا يعرض حياتهم للخطر دون حاجة.
بالمقابل، من شأن انعدام اليقين ان يدفع بعضا آخر من المقاتلين الى الاستخفاف بكل قيد على استخدام القوة.
الرأي العام العالمي يطالب اسرائيل اليوم بتقديم تفسير مصداق وشفاف لعملية القتال في غزة. القرار بتجاهل هذا الطلب يشبه دفن الرأس في الرمال. يمكن الصراخ حتى الغد بشأن الاغراض والمزاعم والتحيز في تقرير غولدستون، ولكن يجب اعطاء جواب على الاسئلة الصعبة التي يطرحها التقرير.
هذا الجواب يجب أن يتشكل من تحقيق جذري، مصداق وشفاف للاسئلة الموضعية التي اثيرت في حملة 'رصاص مصبوب' في ظل التطرق لكل الادعاءات والاقوال المحددة التي ذكرت في كل التقارير الاجنبية.
اضافة الى ذلك يجب اجراء بحث مبدئي في حدود المسموح والمحظور (يتناول ايضا الاساليب المستخدمة في 'رصاص مصبوب') في القتال امام محافل دون دولة، يكون مفتوحا امام الرقابة العامة العالمية. التحقيق الجذري يمكنه ان يثبت الالتزام الاسرائيلي بقتال قانوني وعادل. البحث المبدئي سينجح في تعزيز الاعتراف بشرعية وقانونية سياسة استخدام القوة من الجيش.
اسرائيل استخلصت منفعة من تلك الاوضاع القليلة التي تعاونت فيها مع ثقافة التحقيق الخارجي. لجنة كهان نظفت اسرائيل من المسؤولية المباشرة عن مذبحة صبرا وشاتيلا. المحكمة العليا عرضت موقفا تفسيريا في موضوع الاحباط المركز، يوجد في النقاش الدولي ويؤثر عليه. بالمقابل، الصمت حيال الانتقاد على شرعية جدار الفصل طبعه بطابع عدم الشرعية. الصمت حيال الانتقاد على حرب غزة يهدد بطبع عدم الشرعية على الحروب القادمة.
' بروفيسور في كلية القانون في جامعة تل أبيب
هآرتس
ينبغي أن يضاف الى ذلك تدخل المحاكم الدولية، والتي تفحص كأمر عادي سلوك بريطانيا في العراق، روسيا في الشيشان وتركيا في قبرص. هكذا ترسخت ثقافة فحص خارجي في الاماكن التي تثور فيها شكوك بالنسبة للحفاظ على قوانين القتال. الاطراف في القتال تتعاون مع المحافل الفاحصة، تعرض مواقفها وتقبل استنتاجاتها.
الدول تتعاون مع هؤلاء المحققين لانه في عصر ثقافة التحقيق الخارجي لا يوجد للمتهم حق في الصمت. من يصمت يعرض نفسه لخطر ضياع التأييد من الرأي العام العالمي، وعليه ايضا تأييد الحكومات الاجنبية. هذا التأييد هو ذخر استراتيجي في اثناء القتال المستقبلي: اذا كانت اهداف القتال واساليبه تلقى الشرعية، سيقل الضغط السياسي لانهائه قبل أن تستكمل اهدافه. بالمقابل، رفض التعاون من شأنه أن يجعل للدولة على المدى البعيد سمعة خارقة قانون ووضعه عدالة وجودها قيد الشك. هذا الخطر بات ملموسا في تقرير غولدستون الذي ينتقل من التحقيق في القتال في غزة الى عرض اسرائيل كدولة ذات نظام تمييز ويثير ضمنا الشك في شرعية وجودها.
فضلا عن هذه الاضطرارات فانه في قبول ثقافة التحقيق تكمن فضائل هامة لاسرائيل ايضا. اولا، أهلية الجيش، الذي يغض نظره عما يجري في داخله، تتضرر. ثانيا، التحقيق المصداق الذي يأخذ بالحسبان الاضطرارات الامنية التي تقف امامها اسرائيل سيساعدها في التأثير على تصميم القانون الدولي بالنسبة للقتال ضد محافل دون دولة.
يدعي المعترضون بان اجراء تحقيق بعد القتال سيردع المقاتلين ويثقل على القوات بسبب الحاجة لجمع أدلة على شروط القتال، طبيعة الاهداف وما شابه. هذه اعتبارات ضد ادارة التحقيقات ولكن ايضا في صالح تحسين الوسائل لجمع وتوثيق المعلومات وفي صالح تثبيت قواعد واضحة للجنود. يوجد لهذا ثمن في تخصيص القوى البشرية، الوسائل والزمن في التدريب، ولكن ليس في ذلك بالضرورة ما يؤدي الى تعريض حياة الانسان للخطر. بالعكس: لايضاح القواعد توجد اهمية من ناحية المقاتلين الذين بالنسبة لهم المهنة العسكرية تستوجب احترام القانون والاخلاق القتالية. انعدام اليقين بشأن قانونية قتالهم من شأنه بالذات ان يوهن ايديهم وان يدفعهم لان يفضلوا بديلا يعرض حياتهم للخطر دون حاجة.
بالمقابل، من شأن انعدام اليقين ان يدفع بعضا آخر من المقاتلين الى الاستخفاف بكل قيد على استخدام القوة.
الرأي العام العالمي يطالب اسرائيل اليوم بتقديم تفسير مصداق وشفاف لعملية القتال في غزة. القرار بتجاهل هذا الطلب يشبه دفن الرأس في الرمال. يمكن الصراخ حتى الغد بشأن الاغراض والمزاعم والتحيز في تقرير غولدستون، ولكن يجب اعطاء جواب على الاسئلة الصعبة التي يطرحها التقرير.
هذا الجواب يجب أن يتشكل من تحقيق جذري، مصداق وشفاف للاسئلة الموضعية التي اثيرت في حملة 'رصاص مصبوب' في ظل التطرق لكل الادعاءات والاقوال المحددة التي ذكرت في كل التقارير الاجنبية.
اضافة الى ذلك يجب اجراء بحث مبدئي في حدود المسموح والمحظور (يتناول ايضا الاساليب المستخدمة في 'رصاص مصبوب') في القتال امام محافل دون دولة، يكون مفتوحا امام الرقابة العامة العالمية. التحقيق الجذري يمكنه ان يثبت الالتزام الاسرائيلي بقتال قانوني وعادل. البحث المبدئي سينجح في تعزيز الاعتراف بشرعية وقانونية سياسة استخدام القوة من الجيش.
اسرائيل استخلصت منفعة من تلك الاوضاع القليلة التي تعاونت فيها مع ثقافة التحقيق الخارجي. لجنة كهان نظفت اسرائيل من المسؤولية المباشرة عن مذبحة صبرا وشاتيلا. المحكمة العليا عرضت موقفا تفسيريا في موضوع الاحباط المركز، يوجد في النقاش الدولي ويؤثر عليه. بالمقابل، الصمت حيال الانتقاد على شرعية جدار الفصل طبعه بطابع عدم الشرعية. الصمت حيال الانتقاد على حرب غزة يهدد بطبع عدم الشرعية على الحروب القادمة.
' بروفيسور في كلية القانون في جامعة تل أبيب
هآرتس
عدل سابقا من قبل اجراس العودة في الأحد 18 أكتوبر 2009, 9:34 am عدل 1 مرات
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر