الفنانة التشكيلية الفلسطينية ريما المزين، المولودة عام 1977، والمتخرجة من جامعة الأقصى بمدينة غزة، والحاصلة على شهادة بكالوريوس تربية فنية عام 2000، والحائزة أيضاً على درجة الماجستير في ميادين التصميم من كلية التربية الفنية بجامعة حلوان المصرية عام 2007. والعازفة على سرديات المعاصرة التشكيلية، كعازفة منفردة في ميدانها، عملت كرئيس قسم الطفل الموهوب في وزارة الثقافة بغزة، ومدرسة لمادتي الخزف عام 2001، و التصميم 2007، بجامعة الأقصى. عضو الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين، ومشاركة فاعلة بالعديد من المعارض الجماعية داخل فلسطين وخارجها.
تجربتها الفنية متناسلة من موهبتها الفطرية، والدارسة لميادين الفن التشكيلي بصورة مدرسية أكاديمية، ومتوارية في خبرة مستلهمة من ذاكرة والدها (الفنان عبد الرحمن المزين) الفنية، وخبرته التقنية في ميدانه، وسعة انتشاره ومساحة ابتكاره، ومتأثرة بمناهله المعرفية المتوالدة من واحة التاريخ والتراث، كواحد من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين الروّاد، والمنحازين لمفاعيل الأسطورة الفلسطينية العربية بأثوابها الكنعانية، والمنقولة في سياق موهبة ودربة متوارثة ومشهودة في لوحاتها، مشكلة من تجارب والدها محطة تعلم ومرجعية فكرية وبصرية مهمة، ومجالاً ممكناً لتفاعلها التقني مع رموزه وشخوصه وتقنياته، ولكن بصورة مُغايرة ولصيقة بذاتها الفنية المجربة والباحثة.
لوحاتها التصويرية تمد جسور التواصل مع ذاكرتها الحافظة، والمتفاعلة مع محيطها الفلسطيني البيئي ومخيلتها، وسلتها المعرفية المعانقة لشرق المتوسط العربي، في هيئته وتاريخه ووقاره، ديدانها في ذلك البحث والتجريب. تقوم فلسفتها الجمالية على تقنيات الاختزال البصري والتلخيص المجازي لواقعية المشهد، وإفراغ مكوناته وأجساده وشخوصه من أبعادها الثلاثية المنظورة، والمتبعة في فنون عصر النهضة الإيطالية، واستبدالها في معادلات بصرية متوالدة من واحة التعبير الفني المسطح، المؤتلفة في بعدي الطول والعرض والمساحة اللونية الحاضنة، والمتكئة بشكل ما أو بآخر على فلسفة الهدم التشكيلي لمقامات البنية الجمالية المثالية، انحيازاً مشهوداً لصالح الفكرة التصويرية المشتهاة.
تجوب لوحاتها التصويرية عوالم الإنسان الفلسطيني، والأنثى خصوصاً، في سياقات شكلية مفتوحة على امتداد المساحة اللونية، وحفرية الأثر الخطي المطوق لمتواليات الرمز هنا، ومقطوعة بصرية تراثية هناك. تستحضر التاريخ الفلسطيني وزخارفه في سياقات شكلية مبسطة، تدونها في حيز المساحة ومتعة التوليف اللوني ما بين الأشكال الهندسية، والنباتية والحيوانية، وكأنها مطرزات فلسطينية من نوع تشكيلي خاص، فيها ما فيها من بقايا ذاكرة، وحفريات معرفة مستعارة من الزمن الماضي، ولكن في صياغة شكلية حديثة ومعاصرة.
لوحات تصويرية تُفصل الحكاية الذاتية لفنانة منتمية لذاكرة مكانها العربي، وأصولها الممتدة للكنعانيين، تفرد مساحات مستعارة لمتغيرات الزمن المتعاقب، تشد خيوط الرحلة في مقامات وصف مثقل بالاتجاهات الواقعية التعبيرية، والتعبيرية التجريدية. تكشف عري الحقيقة والبوح الصريح لما يجول في وعي الفنانة من صور ومرئيات، تلامس خلجات الوجدان والعاطفة، وصندوق الأماني وتُقبل على مفاتيح الأنا الشخصي، بكل ما فيه من نوازع وانفعالات، وحالات تفاعل واختزال واصطفاء، تركض مكوناتها اللونية فوق سطوح الخامات، وتغرق في غواية الريشة المثقلة بدسامة اللون وتفاعلاته، تربط العلاقات اللونية حدة وتجانساً وتوافقا، وانسجاماً ما بين لون وآخر. خطوطها تنهل من وعورة اللون وكثافته، وتوصل ما انقطع في متواليات الفكرة وانصهارها في عراك التقنية والأساليب التعبيرية المبتكرة. تفتح شهية المتلقي لمزاولة فضول التأمل والمكاشفة، تستنهض الرمز ومفاعيل الأسطورة ورسم مدارات القول البصري المتاح.
شخوصها الأنثوية العاكسة لتفاعلات الأنا الداخلي، تُفصح عن حقيقة موقفها كإنسانة، وفنانة منحازة لبنات جنسها، ومجسدة لمكانة المرآة في حياة المجتمع الفلسطيني، ترصفها بإشكال متعددة، الوجوه والملامح والأخيلة، تشي بشكل ما آو بآخر عن مسارات دورها المميز في أروقة التاريخ المتوالد، والملبية لضرورات المعايشة والحياة، باعتبارها صدى الوطن والمواطنة الكامنة بالأم والابنة والأخت، والعاملة والمربية والمناضلة، تقدمها في صور رمزية ملونة، مفتوحة على القراءة والتأويل. تدرجها فردى، وثنائيات وجماعات، مجتمعة في هيئاتها الوصفية على مقولات الحب والحنان.
أشكالها الهندسية، وغواية المساحة التجريدية المتناغمة مع الزخارف الفلسطينية التراثية، تجد لها في متن لوحاتها حظوة ومكانة، تُلبسها دثار المكرور والمتوالي، ومفاهيم التناظر والمقابلة والمجاورة وتفيض بقصص الأولين، من غرائب وعجائب، تستحضر كلام الجدات (الخرافيات) في لحظة تجلي، تستقبل المنمنات والتوريق، وتفاعلات الأشكال المتناسلة من أشكال المربع، والمستطيل، والدائرة، والمعين، وتحاكي دورة القمر الفلسطيني وهلاله، وأثواب المطرزات الفلسطينية الغنية عن التعريف، والجامعة لدورات الفصول واليوميات الفلسطينية الحضارية، بكل ما فيها من ابتكار وجميل صنعة وممتع وفريد.
ألوانها لا تخرج عن الفسحة المتاحة في مقامات الوصف البصري، من عراك الملونات الأساسية (الأحمر، الأصفر، الأزرق) وتدريجاتها المشتقة من ناحية، وتصادمها مع دسامة الملونات المحايدة والمساعدة، المتجلية بملونات (الأسود، الأبيض) وما بينها من متواليات مزج واشتقاق، سابحة في تداعيات العائلة اللونية متنوعة المسميات، وموزعة الطبقات دسامة هنا، ومطابقة أو معاندة ضدية هناك، ملونات جامعة لشفاف الفكرة واللون بأن معاً، تبني عوالم الخصوصية والتفرد، والخروج عن مألوف الرسم والتصوير التقليدي والنمطي، لمصلحة الاتجاهات الفنية المعاصرة، والممزوجة بنكهة حداثية.
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:15 am من طرف راهب الفكر
» تصريح الناطق الرسمي لجيش رجال الطريقة النقشبندية بصدد التهجير القسري للعراقيين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» زيف المفترين في إعلان خلافة المسلمين
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:14 am من طرف راهب الفكر
» مبارزة شعرية .......
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:11 am من طرف راهب الفكر
» مقاومينا بغزة البواسل للشاعر عطا سليمان رموني
الجمعة 19 أغسطس 2016, 2:08 am من طرف راهب الفكر
» أتثائب... عبلة درويش
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» تصريح ولكن.... وما بعد الجدار/تغريد العزة
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:54 pm من طرف راهب الفكر
» " منديلٌ لبسمات امرأة " لؤي ابو عكر
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» نقد الحزب المشكلات التنظيمية للحزب الشيوعي " سلامة كيلة (للتحميل)
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:53 pm من طرف راهب الفكر
» تلخيص كتاب: تاريـخ فلسطين في أواخر العهد العثماني 1700 – 1918
الأحد 24 أغسطس 2014, 1:37 pm من طرف راهب الفكر